العيد و خريف كورونا.....

       عيد مبارك صديقي تقبل الله منا ومنكم الصيام القيام ،أعرف أنك ضقت ذرعا

بغيابي عنك لأيام على غير عادتي لانشغالات كثيرة بالمؤسسة وخارجها ، وكلي ثقة في سعة صدرك و تفهمك و يكفي أني جئتك في يوم عطلة وسط واقع العطلة واللاعطلة ...

 

 

بأي حال عدت يا عيد في زمن كورونا، بعيدا عن الأهل و مسقط الرأس لأول مرة، منذ أزيد من عقدين بلا مظاهر البهجة المعهودة و طقوس الاحتفال الجماعي في البلدة في ظل تمديد الحجر الصحي، فلا الملابس الجديدة اقتنيت، ولا صلاة العيد أقيمت في المصليات و المساجد  ولا زيارة الأصدقاء والأحبة تمت، ولا الخروج للتنزه و التفسح أتيحا... لزوم البيوت جعل مواقع التواصل الاجتماعي ملاذا لتبادل التهاني واحتضان مشاعر الفرحة والابتهاج...و إن اعترى قلوب الناس شيء من حتى و قلق يعكر صفو الاحتفالات أكثر ، فعدد حالات الإصابة بفيروس كورونا تأبى أن تأخذ منحى تناقصيا مستقرا، فما أن يستبشروا بقلة عدد الاصابات يوما حتى تتبخر فرحتهم في اليوم الموالي ،وها أنت ترى معي عدد الإصابات الإضافية هذا الصباح قد بلغ الى 62 حالة خلال 18 ساعة، ملتهما منسوب فرحة العيد بالأمس الأحد 24 ماي حيث لم يتجاوز عدد الاصابات 27 حالة ، توقف العداد اليوم عند 7495 حالة إصابة ، و 4737 حالة الشفاء و 200 حالة وفاة ،لتظل نسبة الشفاء (أكثر من 63 في المائة و نسبة الفتك (أقل من 2.7 %) نقطة الضوء في أفق هذا النفق ...،    

    لا أحد يستطيع التنبؤ بما يخبئه المستقبل بعد أن وصلت أضرار الحجز الصحي مداها على الدولة و غالبية الأسر معا ، و أخرج الناس قبيل العيد من منازلهم جماعات في مناطق عدة وفي الأحياء الشعبية للمدن الكبرى و لأسباب شتى للأسف الشديد ، ففي ما  يشتكي مواطنون من عدم الاستفادة من دعم صندوق محاربة كورونا ، تعالت صيحات أصحاب المقاهي و سيارات الأجرة و محلات الملابس و المحلات التجارية.. فيما خرجت فئة ثالثة لاقتناء ملابس العيد ضاربة الإجراءات الاحترازية عرض الحائط ،وانبرى آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي للاستهزاء و التندر و السخرية من الدعوات المتكررة لالتزام الحجر الصحي في الشوارع و أمام المركبات السكنية كالقايدة " حورية " التي صار ذكرها على كل لسان بعد نشر فيديو تدخل لها بإحدى شوارع البيضاء بلغة بسيطة وعفوية اقرب للمواطن العادي منه الى لغة رجل السلطة...وكذا الوصلات التوعوية و البرامج على القنوات التلفزية ومقدميها كصلاح الدين الغماري الذي صار لسان حال كل من اراد التحذير أو النهي عن شيء ما و هو صاحب برنامج تفاعلي يبث يومياعلى القناة الثانية للإجابة عن تساؤلات المشاهدين حول كورونا و توعيتهم و لمسوا حرقة وحماسة في طريقة تعبيره وتوجيهه ،

       وصل السيل الزبى و صرنا أمام مشهد درامي يدعو للشفقة و الأسف حينا و الحسرة و الحنق تارة أخرى ،كل ذلك بموازاة ارتفاع عدد الموقوفين بسبب خرق الحجر الصحي ، مما يحتم تخفيف إجراءات الحجر الصحي بعد العيد في انتظار موعد نهاية فترة الحجر الصحي ولعل من بوادره تراخي السلطات في فرض الالتزام بالحجر الصحي بشكل غير رسمي لامتصاص الاحتقان...وهوما يجعل خيار التعايش مع الفيروس يفرض نفسه شيئا فشيئا و يفتح المستقبل على كل الاحتمالات ، فيروس لا يزال نشيطا متربصا بعدد من المدن و مراكزها الصناعية خاصة ، مؤزرا بالحاجة إلى دوران عجلة الاقتصاد الوطني في حدود الأدنى من جهة و اللامبالاة بإجراءات الحماية والتباعد و جشع أرباب الشركات و المعامل تارة أخرى....أملنا في الله كبيرا أن يلجم الفيروس و يرفع كابوسه عنا فوعي المجتمع المغرب و قدرته على الصبر و التحمل دون مستوى فرضية تغوله و استعراضه عضلاته عليه كما فعل بالدول الكبرى التي تجاهلت هيبته واستهانت بقدرته على الفتك...

   عج الفايسبوك ومنصات التواصل واللقاءات الجماعية بالندوات الفكرية واللقاءات مع شخصيات مشهورة في مجالات عدة تتشرف آفاق ما بعد كورونا و تناقش مواضيع الساعة بشكل غير مسبوق أثار حفيظة كثيرين ، و بالاجتماعات الرسمية بدء من الحكومة إلى الوزارات و إداراتها الجهوية و الإقليمية و المحلية  ،لا أدري أهي الموضة أم الأمر الواقع ام الخطوة اللازمة التي عجل الحجر الصحي بتنزيلها إلى جانب التعليم عن بعد ....

و على المستوى العالمي بدأت الحياة تعود إلى كثير من الدول الاوروبية بتنزيل إجراءات تخفيف الحجر الصحي و كأننا على أعتاب خريف كورونا...

Posted in: مجتمع