الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

رفع عتبة الانتقال بين المستويات خطوة على الطريق لكن...

              

يعتبر كثير من المتتبعين للشأن التربوي بالمغرب إلغاء توحيد عتبة النجاح أحد أهم اسباب  تدني مستوى التلاميذ و تراجع مستوى التعليم المغربي عموما في العقود الأخيرة ،إذ جعل انتقال التلاميذ من مستوى إلى آخر أمرا سهلا و لو بمعدلات متدنية و دون الحصول على الكفايات الأساسية التي تؤهله للانتقال إلى المستوى الموالي  ، مما عمق مشكل التأخر الدراسي  و وسع دائرة الهدر المدرسي .
.... و مع بداية التنزيل الأولي للرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي 2015-2030 التي اعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين و البحث العلمي ، من خلال تفعيل التدابير ذات الأولوية الثلاثة والعشرين  التي أقرتها وزارة التربية و الوطنية في الموسم الدراسي الماضي بناء على استشارة  كل المتدخلين في القطاع  ،صدرت المذكرة الوزارية رقم 104/15 بتاريخ 22 اكتوبر 2015  متضمنة الوثيقة التأطيرية الخاصة بتفعيل تدبير عتبة الانتقال بين الأسلاك أملا في تغيير الوضع الحالي (التدبير الثاني)، و على أهمية الخطوة فإن توحيد العتبة في أفق 2018 لن يجدي نفعا إن لم يكن مصحوبا بإجراءات أخرى مكملة.

             يعود إلغاء اعتماد عتبة أو معدل 5/10 و 10/20  للانتقال إلى المستوى الموالي ، و اعتماد الخريطة المدرسية بديلا  عنها مع بداية إقرار  نظام  التعليم الاساسي بالمغرب منتصف ثمانينات القرن الماضي (1985) حيث  صار تحديد  عتبة النجاح يتم بحسب كل مؤسسة أو نيابة بناء على الامكانيات المادية والبشرية المتوفرة سعيا لاستكمال المتعلم لسنوات التعليم الأساسي ... ، و  قد ساهم في  تراجع  نسبة المغادرين في المستوى الابتدائي، لكن أثر سلبا على النتائج  ،إذ تدنى مستوى المتعلمين فصار لدينا متعلمون شبه أميين ينضافون سنويا لجيش الأميين من الكبار من جهة ، و من جهة أخرى استمر ارتفاع نسبة الهدر بسبب الفصل بعد استيفاء عدد السنوات القانونية و خاصة في المستويات الإشهادية بالثانوي الاعدادي و التأهيلي  ،و هو ما حاولت  تجاوزه المذكرة الوزارية رقم 118بتاريخ 25 /2003/09  ..الهادفة للاحتفاظ  بأكبر عدد ممكن من التلاميذ داخل النظام التربوي  ، إجراء ساهم في انقاذ عدد من التلاميذ من الانحراف و الضياع ، لكن  كانت له ايضا في المقابل انعكاسات  سلبية على المنظومة المعطوبة أصلا أهمها :  الاكتظاظ  ، ارتفاع نسبة العنف في المؤسسات  ، فضلا عن استمرار ارتفاع نسبة الهدر بضعف نسبة الناجحين ممن يتم إرجاعهم   ، فكثير منهم  يفصلون مرة ثانية وثالثة أحيانا ....مما  يضرب جهود الوزارة وسعيها لتقليص نسبة الهدر عرض الحائط ....و هكذا قد نجد  مؤسسة مثلا فصل بها  نهاية الموسم 2012/2013 :  40  و تم ارجاع  30 بداية الموسم 2014/2013  و في نهايته  يفصل من هؤلاء على الأقل  20 ينضافون إلى   30  يفصلون لاول مرة ليصبح العدد 50 ،  أرجع منهم  40 بداية 2015/2014  ليفصل منهم 30 و هكذا .... ) و بدل أن يقال إن نسبة الفصل في مستوى معين أو  في تراجع سنويا ، تظل النسبة في تصاعد مستمر سنويا على مستوى المؤسسة و النيابة بل والوزارة ، مما أسهم في استمرار تصنيف التعليم المغربي في مراتب متأخرة من المنظمات الدولية .

        لكل هذا سيكون رفع العتبة و تحديدها في 5/10 في الابتدائي و 10/20في الثانوي الاعدادي مع التركيز على ضرورة امتلاك المتعلم للكفايات الأساسية كشرط للسماح له بالانتقال إلى المستوى الموالي  خطوة في طريق وضع حد لهذا النزيف ، ومن تم رفع مستوى المتعلمين ، لكن المتتبع و العارف بخبايا و ظروف المؤسسات التعليمية المغربية يدرك أن معدل 5/10 و 10/20 ليست سهلة المنال ولا وصفة سحرية بإمكانها أن تعيد منفردة للتعليم المغربي عزته ، إنه  تدبير  مهم يتطلب تنزيله  تضافر جهود جميع الفاعلين داخل و خارج المؤسسة ، مما يحتم إقرار  إجراءات مصاحبة من أهمها الدعم التربوي و ما يتبعه من إجراءات الذي نصت عليه المذكرة الوزارية ذات الصلة بالموضوع  ، و مع أن  التنصيص على الدعم التربوي كإجراء مصاحب أمر مهم  فإنه يبقى غير كاف ,,,,فالمناهج الحالية أيضا تنص على الدعم التربوي و تخصص له حصصا مهمة من الزمن المدرسي في الابتدائي و الثانوي  لكن نتائجه ظلت محدودة و من ثم فتحقيق أهدافه رهين بإجراءات ضرورية أخرى ,,,, فما هي  الاجراءات  الضرورية لضمان التنزيل الأمثل لهذا التدبير ؟
    
                                                                      يتبـــــع

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...