الخميس، 13 أبريل 2023

من وحي فاجعة انهيار بئر بدرعة

      عادت بي فاجعة وفاة السيد "محمد " إثر انهيار بئر كان يشتغل فيه، عشرين سنة ونيف إلى الوراء لأتذكر فاجعة مؤلمة مماثلة اهتز لها كيان البلدة الآمنة ، ذهب ضحيتها الرجل الطيب الخدوم لبلدته "  باجلول " رحمه الله و أسكنه فسيح جناته مخلفا أبناء صغارا زادوا جرح الفاجعة غورا ، و قد صاروا اليوم ولله الحمد رجالا..... ولأني عايشت تفاصيل ما بعد الحادثة فإن لحظات ومواقف مشرفة و أخرى مبكية ومخزية لم تفارق ذهني إلى اليوم .


مواقف مشرفة :

  لم يكن حينئذ مركز للوقاية المدنية بأكدز لذا فقد هب الأهالي هبة رجل واحد فتكفلوا بمهمة ازالة الاتربة و انتشال جثة الراحل في وقت قياسي قبيل وصول رجال الوقاية  المدنية من زاكورة على بعد 94 كلم  ليتكفلوا بنقل الجثة  الى زاكورة

-   بمستشفى الدراق وجدنا في الاستقبال الدكتور عبد الرحمان ماجد – حفظه الله وجازاه خيرا -  الذي فحص الجثة و حين شرحنا له ظروف الحادثة ووضعية الهالك تحمل مسؤولية تحرير شهادة الوفاة حتى لا تمتد الاجراءات الى التشريح الطبي بمراكش......
-
 بعد محطة المستشفى بقيت محطة الحصول على وثيقة " إذن وكيل الملك بالدفن " وقد تجاوزت الساعة العاشرة ليلا ..... وصف لنا أحدهم بيت السيد الوكيل و لهول الحادثة و لأن الاهالي ينتظرون لم نتردد وقصدنا البيت غير البعيد عن المستشفى ..تجرأنا وطرقنا الباب وكم كانت مفاجأتنا كبيرة حين تم استقبالنا بشكل عادي لم تصدقه عيني شخصيا اعتبارا لما سبقه، و كأننا طرقنا باب مواطن عادي ، فقد واسانا السيد الوكيل أولا ،ولم أعد أتذكر أرافقنا هو بنفسه الى المحكمة أم اتصل بنائبه ليسلم لنا الإذن بالمحكمة .، المهم اننا تسلمنا الاذن خارج وقت العمل وليلا كما يقتضي الواجب وزيادة و دون تلكؤ أو مساومة ... لنعود بالجثة ليلا الى البلدة ...

موقف محزن و مخزي "

  بين تلك المواقف المشرفة حادث مشين ، اثناء توقف سيارة الإسعاف بأكدز لإتمام إجراءات ادارية بمركز الدرك الملكي كنت مع أخ الهالك بجانب الجثة في سيارة الاسعاف لمرافقته و مساعدته لإتمام الاجراءات  الإدارية هناك بزاكورة .قبيل الانطلاق اخبرنا بأن شخصا واحدا فقط يمكنه مرافقة جثة الهالك و لم ينفع الطلب و التوسل لأننا لا نملك سيارة خاصة ويستحيل ايجاد سيارة اجرة بسرعة ووو.... الى أن سمح لي  شريطة " قهوة "... انطلقت سيارة الاسعاف و في قلبي شيء من حتى و على طول الطريق كنت اتحسر و أتساءل عن واجب التضحية و الواجب الوطني بل و الحس الاخلاقي و الانساني ، فكيف يسمح الضمير لإنسان لم يحفر لساعات و لم يغص في بئر أن يطلب قهوة ، ناهيك عن كون المصاب جلل اهتز له قلب كل من سمع به وظروفه و وعدد ابناء الهالك و صغر سنهم .....أليس الحادث فرصة للعبرة ...؟؟  وللضرورة فلتكن القهوة بقيمة ركوب سيارة الاجرة الى زاكورة (20 درهما حينئذ ) ،و امام مستشفى الدراق مد من فتح الباب يده ..وكم كانت المفاجأة حين رفض تسلم 20 درهما ..فقلت بلاش .... وغادرنا سيارة الإسعاف غير مبالين برد فعله اللفظي العنيف ، وتساءلت ماذا لوكان  المصاب في حالة خطيرة فربما لم يكن ليفتح الباب قبل ان يتسلم المبلغ الذي يريده ...

  رحم الله الضحيتين ، ووفق المسؤولين لمد يد العون لفلاحي درعة المقاومين للجفاف و تكاليف فلاحتهم المعيشية المرتفعة ( الحفر ، البنزين ، الاسمدة ، اليد العاملة..) ، إنهم مقاومون بصدور عارية رفضا لإغراء الهجرة...و أقل ما يمكن فعله إطلاق سد المنصور الذهبي و قد أنعم الله علينا بكميات مهمة من امطار الخير قي الشهرين الماضيين....


0 التعليقات :

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...