الاثنين، 16 يناير 2012

من المسؤول عن تنامي ظاهرة العنف في المغرب


      تعددت أشكال العنف في المجتمع المغربي في السنين الأخيرة بشكل مثير: العنف في المؤسسات التعليمية ، العنف ضد النساء ، العنف في الملاعب الرياضية ، العنف في الشارع .... وأضحى ظاهرة تهدد النسيج المجتمعي للمغرب و أمنه واستقراره ، و لأن معرفة أسباب أي ظاهرة سبيل لإيجاد الحلول المناسبة لها ، سأحاول رصد أحد أهم أسبابها الحقيقية من وجهة نظر كثير من المغاربة ...
     لا شك أن السبب الرئيسي لتنامي هذه الظاهرة يكمن في تراجع دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية: الأسرة والمدرسة ...أمام مد و تأثير وسائل الإعلام الحديثة ،لهذا يحملها كثير من المختصين  حصة الأسد من تبعات هذا التراجع .
   وفي المغرب  يعد الإعلام العمومي السمعي البصري بما فيه القناتين الأولى والثانية، المتهم الأول في تنامي ظاهرة العنف و تكوين غالبية جيوش المتورطين، بطريقة مباشرة أحيانا وغير مباشرة أحيانا أخرى ، جراء ما راكمتاه من بعد غالبية ما تقدمانه من برامج عن نبض الشارع المغربي وهمومه وآلامه و لسان حال المواطن البسيط... وفي الوقت الذي يشار إلى الأحياء الشعبية والهامشية في المدن الكبرى على أنها مصدر كثير من المتورطين في جرائم العنف المختلفة ، نجد غالبية قاطنيها إلى جانب سكان القرى يشكلون الجمهور المداوم على تتبع برامج القناتين إذ لا تسمح لهم إمكانياتهم المادية باقتناء جهاز استقبال رقمي " برابول "... و لمعرفة العلاقة بين هذا وذاك نتساءل ماذا تقدم القناتين لهؤلاء ؟
  - برامج الطبخ التي تقدم ألوانا من الوصفات وأشكالا من الأطباق الشهية  لا يعرف كثير من هؤلاء أسماء مكوناتها ومقاديرها ناهيك عن القدرة على اقتنائها ...
- برامج الأزياء والديكور : ففي الوقت الذي يتكدس هؤلاء في غرف ضيقة أو في شقق بعمارات مزدحمة بالسكان أوفي بيوت قصديرية في المدن أو يسكنون بيوتا هشة في القرى، يقترح عليهم برنامج " إليك " و" دار وديكور " مثلا  تزيين خزانة البيت أو باقات الورود ...ويعرض لقطات من شقق  فاخرة لا يرونها إلا في الأحلام و الأفلام...
 -.برامج أطفال (سنابل ، عالم عجيب ...) تستضيف غالبا أطفالا صغارا يتحدثون الفرنسية بطلاقة وبملابس أنيقة ، قادمين من مدارس خصوصية يعلم الله كم يدفع فيها، ومن أبناء هؤلاء متتبعي القناتين  من لا يستطيع قراءة أو تركيب جملة باللغة الفرنسية بل والعربية وهم بالقسم السادس ابتدائي أحيانا... و ما يقال عن برامج الأطفال يقال عن البرامج الموجهة للشباب مثل :" أجيال " و "مائة في المائة شباب...
 -    مسلسلات مكسيكية وتركية ماراطونية رديئة  مدبلجة بالعربية الفصحى والدارجة على طول مدة البث، بعد الحكم على المسلسلات المصرية التي سكنت هذه القنوات ردحا من الزمن بالإفراغ الجزئي، تسهم في التطبيع مع مشاهد ولقطات خليعة تخدش الحياء ، ومصطلحات دخيلة على لغتنا وثقافتنا  من قبيل  " الأم العازبة " والطفل الطبيعي " ...ضاربة قيم المجتمع المغربي عرض الحائط ،لتحصر اهتمام الفتيان والفتيات في البحث عن سبل إشباع غرائزهم بدلا من الكد في العمل والجد في التحصيل ، وتُفَكك بسببها   أسر و تُعَنِّفَ نساء و أطفال ...
        فضلا عن برامج خالية من كل ما من شأنه تثقيف الشباب و تغذية الجانب الروحي لديهم الكفيل بصرفهم عن المخدرات وكل أشكال الانحراف والعنف .. فهذه برامج ترفيهية سخيفة بعيدة عن ترقية ذوق المشاهد (للالعروسة ،استوديو دوزيم ...)، وتلك اجتماعية دون مستوى الإسهام في تماسك الأسرة (الخيط لبيض ،مدام مسافرة،إليك ...) وأخرى  ذات طابع تحقيقي (أخطر المجرمين,,) تزيد الطين بلة بإعطائها دروسا مجانية للمجرمين بدل تحذيرهم و إبعادهم عن عالم العنف والإجرام ، أما البرامج الدينية فقليلة ومنمطة مملة تقدمها نفس الوجوه ، و بمضامين مُحَنِّطة للدين  وكأن المغرب ليس فيه غير فقيهين واحد للأولى وآخر للثانية لا ثالث لهما  ...
  أما الأخبار فبعيدة عن الواقع المعيش  ولا تلمس فيها روح الحياة  غالبا ، تنقل صور مستشفيات وإدارات ومؤسسات تستقبل المواطنين و تخصهم بالعناية اللازمة كمواطنين ، ورجال أمن ودرك  يسهرون على سلامتهم وووو... صور مناقضة لواقع تداس فيه كرامة المواطن يوميا في طوابير طويلة ، وعبارات التحقير والتعنيف في كل مكان  لا يسلم منها غير المطبعين مع الرشوة  ...
    فهل من محصلة لمثل هذه البرامج غير مواطنين  معنَّفََين معنِّفِيين ، مؤهلين للسخط على واقعهم المزري  الذي لا مجال لمقارنته بمجتمع القناتين في أية لحظة ، وشباب منحرف لا هم له غير الحصول على حبة او قطعة مخدر تنسيه واقعه المعيش؟؟؟......
أترك لكم الجواب ....

   

1 التعليقات :

ههه الموضوع الأكثر قراءة في مدونتي لكن بدون أي تعليق حقيقة اكتشفتها هذا الصباح ؟؟؟؟؟

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...