الخميس، 19 يناير 2012

هل أخطأت الطبيبة فعلا؟؟؟

  زرتَ قبل أيام المدينة  للعلاج وقضاء بعض الأغراض كغيرك من رجال التعليم العاملين في المناطق النائية ...
عُدتَ وفي نفسك شيء من الحسرة جراء سلوكات عافَتْها نفسك ، وظننتَ أنها صارت من الماضي  في  عِز الحديث عن التغيير في المغرب ، أو ما يحلو لكثيرين وصفه بثورة الصناديق بعد أن شهد القاصي والداني بشفافية الانتخابات التي  بوأت نتائجها  الإسلاميين المرتبة الأولى ، ومن تم ترأس الحكومة لأول مرة.

السلوك الأول...


    تساءلت كثيرا عن سر إصرار بعض المعطلين على الحصول على فرص  للعمل بالوظيفة العمومية ، فمن غير المنطقي أن نكون جميعا موظفين لدى الدولة ، كما أن الواقع  يظهر الفرق الشاسع بين المستوى المعيشي لكثير من العاملين بالقطاع الخاص مقارنة بنظرائهم في القطاع العمومي ...إلا أن ما رأيت اليوم من تعامل فج لطبيبة مع موظفة الاستقبال لديها بعد خطإ بسيط ، أنساك حسن استقبالها وأصابك بالقرف بل جعلك تشرد وأنت ممدد على السرير مسترجعا ذلك النقاش الذي تابعته قبل أيام على إحدى القنوات  الفضائية بين  ممثلين للعاطلين والحكومة ،و لولا ما ظننته من احتمال تكرار الموظفة لنفس الخطإ من قبل  لغادرت عيادتها على الفور فالطبيب  أولى الناس بضبط النفس و الصفح والصبر و إشعار الآخر بالرحمة والعطف  وما بالك و هي  امرأة ...

السلوك الثاني...
        كل من عايش رياح الثورة التي هبت على العالم العربي وأحدثت من التغييرات ما كان من سابع المستحيلات قبل سنة ،يتصور أن أي شخص عاقل في موقع المسؤولية محليا أو مركزيا  مطالب بتغيير سلوكا ته حتى لا يكون تهوره سببا لبزوغ فجر " بوعزيزي " من نوع آخر يكون شرارة ثورة تجرف المفسدين بلا رجعة  ويقطع مع ماضي اللاحساب و اللارقيب ...لكن ما عايشته إبان زيارتك لإدارة محلية لمؤسسة وطنية تعنى بالشؤون الاجتماعية للعمال والموظفين أثبتت لك بالمطلق أن دار لقمان لا زالت على حالها وأن كثيرين بعيدين عن استيعاب دروس ما جري ويجري ولو جزئيا ,,,تلج الوكالة العمومية فتجدها على قدر عال من النظافة ووسائل استقبال لا بأس بها فتسري نسمات الارتياح في جسدك ...تدلي بالوثائق وتجد أمامك من يتسلمها بلباقة  مقبولة ...و بينما بدأت تستنشق نسمات التغيير تفاجأ ت بغياب رئيس الوكالة الذي  وجهت لمكتبه في الطابق الأول ليؤشر على الوثيقة
-        السلام عليكم
-        وعليكم السلام ..ترد كاتبة السيد الرئيس
-        من فضلك أريد توقيع هذه الوثيقة
-        نعم لكن انتظر عودة الرئيس
-        ومتى سيعود سيادته ؟
-        لا أدري ,,,(تتدارك) بعد قليل ... وربما لتأدبك في الاستفسار أو من باب الاحتياط لم تتلق  الرد القاسي الذي كان من نصيب مواطن حضر بعدك أصر على معرفة وقت حضور الرئيس  " وهل أنا من يحدد للرئيس وقت الدخول والخروج ؟"
        تنتظر ومعك آخران و يخترق أذنيك صوت مقرئ  للقرآن الكريم  من حاسوب الكاتبة دون استئذان ،و تتناسل الأسئلة في خاطرك محاولا إيجاد رابط بين الاستماع للقرآن الكريم وسلوك الكاتبة...يغادر شخص مكتب الرئيس بعد أن أنهى مكالمة هاتفية ليست بالقصيرة  مع أقاربه وواضح  أنه أحد موظفي الوكالة  لتلجه الكاتبة  هي الأخرى للغرض نفسه.... و تغادر لتناول وجبة الغذاء حوالي الساعة الثانية عشرة و تخلفكما حراسا لمكتب السيد الرئيس دون ان تنبس ببنت شفة ...
-        تتبادل أطراف الحديث مع زميلك في الانتظار علامات عدم الرضى بادية على الوجوه " لو صرخت لقيل إنك تبحث عن المشاكل " " هذا النموذج لا يصلح معه غير الاحتجاج ".." الإدارة المغربية في واد وأحلام دعاة التغيير في واد "...تغادران المكان خوفا من أي تهمة جاهزة وتعودان للطابق الأرضي  لانتظار " غودو" السيد الرئيس ليضل التأفف سيد الموقف...
تستعيد شريط سلوك الطبيبة و تتساءل وأنت تتصفح منشورات هذه المصلحة على رف قريب من مقعدك – هل أخطأت الطبيبة فعلا؟؟وهل يا ترى سيغادر الرئيس مكتبه كل هذا الوقت إن كان حضر أصلا  و يستعمل الموظفان هاتف الوكالة لأمور شخصية لو كان إلى جانبهم أو " فوقهم " من يسلك مسلك الطبيبة ؟؟؟ وضع أنساك من خلفتهم في السيارة وسط شمس شتوية حارة ظانا أنك ستعود بسرعة...
      تعود لتسأل الموظف الذي أعد الوثيقة – أحد نقط الضوء اللامعة في الوكالة_ و لحسن الحظ ربما لسلطته  في الوكالة أو لتوجسه  من هيئتك هاتف رئيسه وأخبرك أنه سيصل بعد دقائق ...وكذلك كان بعد دقائق يحل شخص تبدو عليه علامات الاستعجال عرج على مكتب الموظف المتصل ليتجه للطابق الأول ..تبين أنه الرئيس تبعه رفيقك لمكتبه وكذلك فعلت .... وقع وثيقتيكما من بين ما وقع بسرعة فائقة كزائر لمصلحة في طريق العمل ,,,,
تغادر المصلحة وفي نفسك شيء من الحيرة و القلق ممزوجين بالخوف على تجربة الحكومة الجديدة فجل الإدارات العمومية المغربية نسخة طبق الأصل لهذه الوكالة ...فهل من اللازم انتظار ريح عاتية تأتي على الأخضر واليابس ليتغير سلوك كثير من الموظفين أقول المسؤولين ؟؟؟؟

 النتيجة
 نعم تغيرت البنايات و يبقى أن يضع كل موظف في القطاع العام نصب عينيه قصة الممرضة و مشغلتها "الطبيبة "...و باعتبارنا مسلمين نوحد الله فلن نجد غير استحضار الله سبحانه  في السر والعلن و سيلة لإثقان العمل....
قال تعالى : )) إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ((
   

2 التعليقات :

وهذا ما يغيظني أخي محمد في كثير من المواقف.
تبديل الجدران والبنايات وغيرها شيء ونسيان التغيير الحقيقي الذي هو تغيير الضمائر شيء أخر.

المشكل اخي رشيد في المفارقة العجيبة بين صورة العامل الموظف في الإدارة العمومية أو لدى الغير و صورة لو عمل عملا حرا يخصه عائدة ...

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...