الجمعة، 12 أبريل 2013

هل يدفع العرب ثمن استيراد الديموقراطية دون دروسها ؟



استبشر الغيورون على الأمة العربية والاسلامية  عامة خيرا بالربيع العربي الذي لاحت معه بوادر الانعثاق  من عقود الاستبداد والذل والمهانة  و التحرر من قبضة حكام آثروا الكرسي و مصالحهم الشخصية على مصالح الأمة ،فباعوا الأرض و الكرامة  و فرطوا في المقدسات ...ضاربين ما تشهده باقي دول العالم من تغيرات و منجزات تنموية عرض الحائط.....
سقطت أنظمة عربية سلميا و  بالقوة و تغيرت أخرى بالجمع بين هذا وذاك ، فيما لا تزال أخرى تحتضر... و اعتصم" الثوار " بمظلة الديموقراطية  تلك الكلمة السحرية التي طالما تغنى بها الجميع ، و لوحوا بها في وجه غطرسة المستبدين ،لكن الأيام للأسف الشديد أتت بما لا تشتهيه سفن الشعوب التي لم تبلغ المستوى اللازم من الوعي ...فقد تبين أن تيارات الثوار أخذت الديموقراطية من الغرب دون دروس أو لنقل أخذت القشور وتركت الجوهر ،  إذ صار كل طرف - و خاصة التيار المقرب من الغرب - يرى أنه الأحق و المؤهل بالقيادة  و يرفض الاعتراف بالديموقراطية بجبة عربية  ما لم تكن  نتائجها  في صالحه و إلا فالشعب مستغفل أو مغرر به أو ضلّل  أو  ....
    لقد ملأنا الدنيا صراخا لعقود  منادين بحقوق الإنسان والديموقراطية و إعطاء الكلمة للشعب ليعبر عن رغبته عبر صناديق الاقتراع بكل حرية أسوة بالدول المتقدمة ، و استنسخنا تجاربهم " أحزابا ، انتخابات ,جمعيات  ,, و لما أتيحت لنا الفرصة  بعد الربيع العربي تركنا الدروس جانبا و اكتفينا بالقشور ،فقد انتقلت عدوى داء الكرسي إلى كثير من القيادات الجديدة " المناضلة سابقا "  ذلك الذاء الفتاك الذي أتي على ضمير الحكام لعقود و أنساهم شعوبهم فكانت نهايتهم مخزية ، هكذا إذن في الديموقراطيات العريقة تشهد الحملات الانتخابية تنافسا شرسا بل حربا ضروسا نشعر معها أحيانا  أن كثيرا منها مهددة بالانقسام ،إلا أنه بعد الإعلان عن نتائج الاقتراع يسارع المرشح الخاسر  لتهنئة منافسه مهما كانت نسبة الفوز ضئيلة ، و يتحول  مناصروه إلى مساند للمرشح الفائز و معين له على  بناء و تقدم البلد الذي تعلو مصلحته على مصلحة الحزب والفرد و الامثلة كثيرة بدء بالكيان الصهيوني ، فرنسا ، انجلترا ، ، الولايات المتحدة الأمريكية و يكفي التذكير في هذا الصدد في ما وقع في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سنة 2000 حين كان التنافس شرسا بين الديموقراطي آل جور و الجمهوري جورج بوش  ، حتى إن بعض القنوات أعلنت  فوز الأول قبل أن تنقلب النتيجة في آخر اللحظات بفارق ضئيل و يعلن بلوغ  بوش البيت الأبيض بفضل أصوات ولاية فلوريدا في المجمع الانتخابي (27 صوتا) ، و حصوله على أصوات أقل من منافسه الديمقراطي في باقي أنحاء البلاد ،  ولم يمنع هذا آل جور من تهنئة بوش والانخراط هو أنصاره في مسيرة بناء أمريكا ، ولم يدفعهم للاعتصام و المطالبة بإعادة الانتخابات أو إعلان مرشحهم الأحق بالفوز و لم ..ولم...
     أما في العالم العربي ما بعد الربيع العربي و الذي فسح فيه المجال للقوى المتحالفة لإسقاط الاستبداد لتنزيل شعاراتها على أرض الواقع ، فقد صارت القوى التي لم تنل ثقة الشعب  تقف حجر عثرة أمام القوى الفائزة – مهما كان الفوز كاسحا - مستغلة ما تعتبره أخطاء من انتخبهم الشعب ، من خلال شعارات مختارة و منمقة لا يخفى تناغم كثير منها و مطالب و أهداف  أعداء الأمة ، و تجعل كثيرين منهم عن قصد أو بدون قصد جزء من أجندة الأعداء و الفلول معا  كما في  : مصر ، تونس ....،.
  فهل وصلت عناصر الاختلاف بين تياراتنا و أحزابنا الساسية إلى حد يرى فيه التيار المنهزم البلد في خطر   يحثم عليه ثورة جديدة في وجه حليف الأمس القريب ؟ أم أن وراء الأمر تسليمها جهلا بأن عناصر الاتفاق بين التيارات المتنافسة في كل دول العالم أكثر بكثير من عناصر الاتفاق بيننا ؟ 
          بناء على ما سبق يبدو أنه كان على الشعوب العربية أو قياداتها السياسية على الأقل  قبل أن نفكر في الثورة والمطالبة بالديموقراطية الوعي ثم الوعي  .....، وما دام أوان ذلك قد فات ، فيا أيها " الديموقراطيون " العرب عليكم بدروس الغرب في الديموقراطية ، فلا بد أن  يأخذ كل منكم تلقيحا مضادا للأنانية و الأهواء الشخصية و مقويا للمناعة اللازمة لتَحَمُِّلِ أشواكها ... حتى لا تضطر الشعوب لقناعة ستثلج صدر جلاديهم مفادها : لم نَجْنِِ من الثورة و ديموقراطيتها غير الأشواك ، و تترحم بالتالي على أيام الديكتاتوريات و بكاء   أيام حكمها....و في ابتسامة مبارك الأخيرة رسالة لكل من يعتبر .





مصدر الصورة
ملحوظة :: أصل هذه التدوينة تدوينة سابقة  لم تنل حقها من المناقشة,لأني لم أوفق ربما في اختيار عنوان مناسب لها 
.

4 التعليقات :

السلام عليكم...
كنت أتمنى أن أقرأ موضوعك الهام لكن للأسف يظهر عندي بصورة لا تسمح لي بقراءته فالكلمات مبعثرة.
على العموم سأحاول قراءته في متصفح آخر.
سامحني على تقصيري في المتابعة خلال الفترة الأخيرة، بالذات رحلتك التي كتبت عنها في التدوينتين الأخيرتين، حيث سأذهب لاحقا إليهما لقراءتهما والاستمتاع بهما.
تقبل تحياتي..

أخي محمد، كلامك منطقي، وهذا للأسف ما حدث، ولقد بت أقول أن حال أفضل مع بعض الأمل خير من ثورة لا تأتي إلا بالقتل والدمار، ولا تهدأ...
مقالة جميلة، ولكن يبدو أنها لم تأخذ حقها في التنسيق، فالخط سيء للغاية ومن الصعب قراءته، ولم يتسن لي ذلك إلا بهد أن نسخت المقالة في ملف وورد.
مع تحيتي
وعطلة ممتعة

السلام عليكم
شكرا لكما أخوي بهاء و رشيد وو معذرة لكما و كل القراء الأعزاء فذلك راجع لمشاكل تقنية وضعف صبيب الانترنت لدي هذه الأيام
تحياتي الحارة للجميع

لا اعرف ماذا سأكتب هنا بعد ما قرأت فحقيقة اخذت الكلمات من على لسانى اخى الكريم فابتسامة مبارك كانت كما قال أ/ وائل قنديل فى الشروق المصريه بالامس تقول اخرجوا ضمائركم من الثلاجات . ولكن اختلف فى نقطة " كان على الشعوب العربية أو قياداتها السياسية على الأقل قبل أن نفكر في الثورة والمطالبة بالديموقراطية الوعي ثم الوعي " فعندما يثور الشعب ويطالب بالديموقراطيه وحقوقه المشروعه يكون قد وصل الى درجة من الظلم وضياع الحقوق لا يمكن بعدها الصبر او السكون "

تحياتى واحترامى

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...