الجمعة، 18 يوليو 2014

يومية صائم في بلدة صحراوية



        قبل حلول شهر رمضان المعظم استعد كغيره من الأهالي لاستقباله رغبة في الأجر الوفير الذي لا يعلمه غير الله، هاجس الحرارة المفرطة التي ستميزه هذه السنة ، طغى على الاستعدادات ، كيف لا وهو يشرب لترات من الماء و لما ينتصف النهار، فكيف بالإمساك عن الشرب و الأكل ست عشرة ساعة....لم يختر الرحيل صوب إحدى المدن الساحلية ككثيرين من أهل البلدة ، ليسلم أمره إلى لله و لسان حاله لن أصوم بقوتي بل بعون ورأفة الله سبحانه ,,,,

      يخلد للنوم بعد تناول وجبة العشاء التي تعقب جلسة شاي خفيفة بعيد العودة من صلاة التراويح  ، ليستيقظ لتناول وجبة السحور امتثالا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ..... مكونات مائدة السحور تختلف من بيت إلى آخر غير أن التمور تبقى  المادة الأساس ,,,,
  يومه لا يختلف كثيرا عن باقي الأهالي ، ففي الصباح يستيقظ الرجال ليتوجهوا لأعمالهم باكرا اتقاء لحرارة الشمس ، و الشيء نفسه بالنسبة للنساء اللواتي يقصدن الحقول لجمع بعض الأعشاب للمواشي....و لا تحل الساعة التاسعة أو العاشرة صباحا على أكثر تقدير حتى تتوقف الحركة ، و تخلو الحقول بل و الأزقة إلا نادرا ، ليبحث كل واحد عن مكان يقيه شدة الحر غالبا " لَعْلو " و هو الممر الممتد من باب البيت إلى داخله ، مستعينين بالماء الذي ترش به الارض بين الفينة والأخرى...فلا مكيفات و لا .....
     عند الظهيرة تتسيد الشمس السماء و تلهب شدة الحر الجو و تحبس الأنفاس ، فيصعب معها النوم الذي قد ينسي العطــش و الجوع لسويعات ،ويختار تأخير النوم ، إلى ما  بعد صلاة الظهر بالانشغال بشيء ما.... نوم قد يأتي و قد لا يأتي في ظل متلازمة العطش  و العرق...
و بحلول صلاة العصر حيث تلج النساء المطبخ لإعداد وجبة الإفطار بصعوبة بالغة ...تجده كغالبية الرجال مستلقيا أمام التلفاز أو عند بوابة المسجد يتبادلون أطراف الحديث وهم يعدون الدقائق المتبقية لغروب الشمس... و بينما يصف كل منهم معاناته و قوة صبره ، يتلقى أحدهم اتصالا بين الفينة والأخرى من أحد أقاربه أو أصدقائه بالدار البيضاء أو اكادير...  فيسأل عن الأجواء فيصف له شدة البرودة ، و كمية الماء القليلة التي يشربها بعد الآذان بصورة لا تخلو من المبالغة يتحسر البعض و يشكك البعض فيما يلوذ هو بالأجر الكثير الذي ينتظره فقيمة الأجر مرتبطة بحجم المعاناة .... ،
    يجف ريقه و هو ينظر إلى إناء الماء البارد المعد بباب المسجد للمصلين ، فتزداد الدقائق بطئا و هي تمضي نحو موعد آذان صلاة المغرب بتؤدة عجيبة.....
     و ما أن يرفع الآذان حتى يهب فرحا بعد انتظار بحجم السنين لإرواء عروقه شاكرا ربه و داعيا إياه أن يتقبل منه و يغفر ذنوبه ، لينسى كل شيء استعدادا لليوم الموالي ....

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...