السبت، 4 فبراير 2012

السابحون ضد التيار في المغرب


       عاش المغرب طيلة سنة 2011 على صفيح ساخن وظلت الحكومة السابقة بمكوناتها المتعددة تتابعه بعجز تام بل زاد سوء تدبيرها ومظاهر فساد كثير من أعضائها و المحسوبين عليها من المقربين للملك الطين بلة،حدث ذلك وهؤلاء وأولئك يعدون العدة لطبخة مسجلة الماركة للفوز بالانتخابات وفق الطراز "الطرابلسي "سنة 2013...غير أن الملك أبحر بسفينة المغرب عبر خطاب 9 مارس 2011  بعيدا الرياح العاتية التي  جرفت نظامين عربيين جثما على صدور شعبيهما ردحا من الزمن في أفل من شهر ...وبعد المصادقة على الدستور الجديد بإيجابياته وسلبياته ،جاء التحضير لانتخابات مبكرة  حيث برز موقف هؤلاء بلا بصيرة وبلا " حشمة " مصرين على إجرائها عاجلا وبأي حال متناسين مهزلة 2007 ....
     وجاءت الانتخابات ورسمت نتائجها  مسبقا في مخيلة هؤلاء وربما وزعت الحقائب الوزارية ، في ظل خوف الغيورين على وطنهم من عواقب تنزيل هؤلاء لمخططهم الجهنمي مستغلين للمال الحرام و ضعف المشاركة .إلا أن نتائج الانتخابات 25 نونبر خيبت ظنهم إذ وحصل حزب العدالة والتنمية على مقاعد فاقت توقعاته ناهيك عن توقعات خصومه ليبدأ عهد جديد ...و شهد القاصي والداني على نزاهتها مقارنة على الأقل مع سابقاتها، لتأتي بذلك بما حالت ظروف ما قبل الربيع العربي دون رؤيته منذ2007  
     وبعد مخاض عسير وقيل وقال لم يخل من عوائق تنزيل إرادة المواطنين على أرض الواقع ،رأت النور حكومة يرأسها الإسلاميون في المغرب لأول مرة ليتحقق ما رآه صاحب " حوار " بالقناة الأولى بعيد المنال ورآه بنكيران قريبا ، وقبل تنصيب البرلمان لها أرسل عدد من وزرائها وأغلبهم ينتمي لهذا الحزب إشارات التقطها المغاربة بارتياح وهم يرون لأول مرة وزراء من طينة غالبيتهم - وزراء كأيها الناس - من الطبقات الوسطى وبشواهد وطنية ...- ولأن بعض من يوصفون بالمحللين و جرائد الرصيف قبل من صدموا بنتائج 25 نونبر من جماعة  الثمانية ، لم يجدوا في سير وماضي هؤلاء الوزراء ما ينفرون به المواطنين منهم ، فقد تصدوا وبوقاحة واضحة لتسفيه تلك المواقف وكأن المغاربة "رضع " مهددون  بخدع جحا وهكذا صارفي نظرهم:
-         رفض السيارات الفاخرة و استعمال سيارات الدولة لأغراض شخصية تبخيسا لمنصب الوزير ونيلا من هيبة الدولة.
-         الابتعاد عن البروتوكولات المكلفة ومظاهر البذخ في الملبس والمظهر.. نقصا في الذوق والأناقة اللازمتين لرجال الدولة.
-          التسوق و ركوب القطار و تناول الطعام والصلاة مع عامة الشعب شعبوية هدفها دغدغة عواطف العامة و مواقف غير محسوبة العواقب .
-         محاورة المعطلين والمعتصمين والمضربين هروبا إلى الأمام.
  كل ذلك وقد عجت الجرائد والصحف و المواقع الالكترونية قبل 25 نونبر بأخبار الوزراء المبذرين للمال العام بوسائل شتى من بينها  كراء سيارات فارهة للتنقل بل واستئجار طائرة ، ميزانية الكماليات لدى كل وزير....
   ولتكتمل فصول هذه المسرحية الهزلية كشر قادة "المعارضة" – الحكومة قبل شهر، عن أنيابهم قبل أن تبحر سفينة الحكومة الجديدة ،وهم الذين أنهكت سياساتهم الفاشلة كاهل المغرب على جميع الأصعدة ،ولم يسمع لأحد من هؤلاء صوت في عز هيجان الشارع مطالبا بإسقاط الفساد ، وصاروا  بين عشية وضحاها ناطقين باسم الشعب الذي خذله البرنامج الحكومي لحكومة العدالة والتنمية في استمرار فاضح للغة الوصاية التي رفضها هذا الشعب ؟؟؟؟، و رعاة للدستور و" الديموقراطية  والمكتسبات " معددين محطات خرق الدستور... ديموقراطية لم ير لها أحد أثرا في طرق انتخاب أجهزة أحزابهم أو تمثيلية النساء والشباب بها وكذا ترشيحهم في اللوائح الانتخابية المحلية ، ومكتسبات لم يلمس المغاربة لها وقعا على معيشهم اليومي,,,وللأسف الشديد بدل أن يصفق الجميع لطريقة اختيار حزب العدالة والتنمية لوزرائه في الحكومة والإشادة بها والدعوة للاحتذاء بها ،حاول البعض أن يوقع بين الحزب والملك بدعوى نيله ب " الإعلان المسبق" عن المرشحين للاستوزار في صفوف مناضليه  من حق التعيين الذي خوله له الدستور .والحقيقة  أن غالبية من تعالت صيحاتهم باعتبارهم صقور بعض الأحزاب أو ناطقين باسمها لو احتكم لتلك الطريقة لما رشحوا للاستوزار ..و الشيء نفسه بالنسبة لشكل تحية هؤلاء المميز  للملك في حفل تعيينهم...
   وإذا كان كل ذلك منتظرا من أحزاب لم تستسغ الهزيمة النكراء التي تكبدتها فإن مما يثير الشفقة والسخرية سلوك بعض وسائل الإعلام الوطنية  بما فيها التي كانت تطبل للسياسات الفاشلة للحكومات السابقة و تتهم أصحاب المواقف الحقة بالتيئيس... والواقع أن غالبية المغاربة التواقين للتغيير الهادئ استبشروا خيرا بتلك السلوكات التي تظه الوزير مواطنا عاديا ولا ترى إلا في الدول المتقدمة ،وبسماع وزرائه يصرحون بممتلكاتهم ليس للمجلس الأعلى للحسابات فقط بل للعموم على صفحات الجرائد الوطنية ، وإن صورته هذه الوسائل شكليا أو شعبويا  كما هو شأن جريدة "الصباح ملا " في عددها ليوم 30يناير 2012  حتى إنها دعت الشعب تهكما في ركن حديث الصباح  للتبرع لفائدة وزراء حكومة بنكيران الفقراء ، و لنفترض معها أن هؤلاء استصغروا ممتلكاتهم لكسب تعاطف الناس ، لنتساءل من سيتضرر من هذه التصريحات " المغلوطة "بعد خمس سنوات ؟؟ألم يكن الأجدر بالنسبة لهؤلاء التصريح بأكثر من سيارة أو شقة أو فيلا أو عقار ....؟ أم أن هؤلاء الوزراء لا يملكون من الإشهارات ما يشفع لهم لتلميع صورهم أم أنهم لم يخصوا هذه الجريدة بعينها بالسبق الصحفي أم هو النقد الأعمى؟؟
    وأهم ما يستنتج من كثير من ردود أفعال المشككين في إشارات هؤلاء الوزراء ، أن الأضواء فعلا لم تسلط يوما على هؤلاء وغيرهم من أطر الحزب ، لرصد تجاربهم اليومية كمدبرين للشأن العام أو موظفين أو مواطنين عاديين ربما خوفا من لحظة كهاته ، و لو حدث لعلم أن شأن هؤلاء  ككل من يسلك طريق الله ويقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، يحتقر أعز ما يحرص عليه غيره من ملذات الحياة ،لأن أغلى أمانيه رضا الله عز وجل .
      وما يمكن أن يقوله كل مغربي عادي أو خبير بأمور السياسة لأصحاب المعارضة من أجل المعارضة و للجرائد  التي تستنجد بالصور الإباحية والعناوين المثيرة لرفع مبيعاتها وحتى للقناة الثانية التي صارت بقدرة قادر مثالا يحتدى في الإنصات للمعارضة إن لم نقل الناطق باسمها :إنني – المواطن المغربي - بعد 2011 قادر على التمييز بين الصادق والكاذب والحقيقي والزائف و التغيير وعدمه ،و يوم أرى تقصيرا حقيقيا من هذه الحكومة دون أن تكون لجيوب الفساد الضاربة في العمق  يد في ذلك ، سيكون لي رأي آخر قبل أن أسمع صيحاتكم الجوفاء في البرلمان وأن أقرا صفحات جرائد تغير مساحات الإشهار آراءها .

1 التعليقات :

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...