الخميس، 16 فبراير 2012

أيــــن الدرهـــم يا رجــــــال ؟؟؟؟


                                     
            أضحت عبارة " مَنْزَا دَرْهَمْ أَيْرْكَازَنْ"؟ مألوفة لدى كل مرتادي مسجد أكدز الوحيد بمن فيهم الذين لا يتحدثون الأمازيغية إذ توحي كلمة " درهم " بمضمون العبارة ، فلا شك أن الأمر يتعلق بالدرهم أو ما شابهه...
       أين الدرهم ؟ نموذج الإهمال ... 
     
       أريد لمسجد أكدز أن يكون تاريخيا، فقد وضع حجره الأساس المرحوم محمد الخامس نهاية خمسينيات القرن الماضي كما تبين ذلك اللوحة المعلقة فوق بابه الرئيسي (1358 هـ)..إلا أنه مع مرور السنين وما طاله من إهمال لا تخطيئه العين، صار جداره الخلفي  مهددا بالسقوط ، لتغلق بوابته الخلفية منذ صيف 2011 كإجراء احترازي لحماية أرواح المصلين ،إلا أن ذلك  لم يمنع المصلين من الصلاة بمحاذاة ذات الجدار بعيد الصلاة يوميا و يوم الجمعة  ... مما يطرح أسئلة عديدة حول أهداف هذه الخطوة ، فإما أن الأمر خطير ومن ثم وجب إقفال المسجد ككل أو وضع حواجز تمنع المصلين من الصلاة بمحاذاته أو علامات تحذيرهم من الاقتراب من موضع الخطر ،و البحث عن بديل لأن انهيار هذا الجدار قد يؤدي لانهيار المسجد كاملا...أم أن هذه خطوة مزاجية الغرض منها الإمعان في إذلال رواد هذا المسجد ومن ثم وجب فتح الباب لتيسير دخول وخروج المصلين .
     ومن أبرز تداعيات هذا الإغلاق غير المحدد الآجال - إذ لا أثر لترميم أو إعادة بناء...-  تكدس المصلين عقب كل صلاة عند بوابة  الخروج الوحيدة ، و يزيد الطين بلة توسط الطفل " م " لعتبتها عقب أغلب الصلوات كجمركي الحدود ، ومن ثم إجبارية سماع الجميع سؤاله المتكرر دون ملل" مَنْزَا دَرْهَمْ أَيْرْكَازَنْ" ؟ و ربما حظي كثير منهم بصفعة منه أو قبلة حارة في أي موقع من الجسم تترك لها أثرا على ملابسه، في أسلوب فريد للشحاذة ،بعد أن يكونوا قد " استمتعوا "في أحيان كثيرة  وهم داخل المسجد ب"خطب" و  ترانيم و..و. المدعو "ب." ...،ولم تنفع تأففات المصلين و احتجاجاتهم الصامتة احتراما لقدسية المسجد ، و لكون من تصدر عنهما " مختلين عقليا " ، في دفع القيمين أو السلطات لوضع حد لهذه التجاوزات حماية لبيت الله وضمانا لأداء الناس لفريضتهم في جو روحاني ، كما سيكون رد فعلهم لو أن مصليا تحدث أو هَمَّ بالحديث إلى المصلين قبل أو عقب أي صلاة في أمر يتعلق بالمسجد أو الصلاة أو الدين عموما، فلا بد أنه سيجد من يطوقه قبل أن ينهي جملة واحدة .. باعتباره خارقا للقانون و مخلا بالاحترام الواجب لبيت الله و.....
 فهل يعقل أن يسع مسجد أسس منذ أزيد من نصف قرن سكان أكدز الذين تضاعف عددهم  مرات في الوقت الحاضر؟؟؟؟
     وهنا تصير لاستفسار الطفل- عافاه الله - المصلين  عن الدرهم أبعاد و دلالات كثيرة...
   غياب الدرهم سر المعاناة
    يلجأ الناس إلى المسجد طلبا للأجر والسكينة والعون ،هربا ولو لدقائق من بطش غلاء الأسعار بجيوبهم ، و استعصاء الدرهم عن المسك ، ليجدوا بالباب من يذكرهم به(الدرهم) وألسنتهم لا تزال تسبح وتهلل ،فيرد عليه لسان حالهم قائلا " وَرِّيهْ لينا نَعْطوْهْ لِيكْ "...فلو كان لهؤلاء من " دراهم " لاكتمل بناء المسجد الجديد الذي شرع في بنائه منذ سنوات دون التفاتة من وزارة الأوقاف تكفر بها عن هذا الإهمال .... فلو كان المسجد مكانا لتحصيل الدرهم سوقا أو مركزا تجاريا أو موقعا أثريا ..– لما سمح ل "م ." بالرسو على عتبة مخرجه الوحيد ليزيد طين الازدحام بلة، ول" ب." بولوجه  بهيئته الغريبة التي لا تستقر على حال و حديثه المسترسل بصوت عال ليفسد على الناس خشوعهم ، وإن لوحظ غيابه في الأيام الأخيرة...
   الدرهم مفقود ..أكذز الملاذ...
             أين الدرهم يا رجال ؟ سؤال يلخص واقع أكدز الجريحة بسمعة سجنها القديم سيء الذكر، وباعتبارها " برشيد " وإن بدون مستشفى ، كيف لا وقد شجعت طيبة أهلها وسماحتهم – وربما كيد الكائدين – على جعلها  قبلة كثير من المرضى نفسانيا والمختلين عقليا ذكورا وإناثا ، ليقيموا بها إقامة دائمة أو مؤقتة مؤثثين  فضاء ساحة المسيرة الخضراء الوحيدة و جنباتها ..فالطعام مكفول والمنام  موفور ... كيف لا والدرهم بينهم و بين " برشيد الحلم " مأوى يحفظ للمتشرد آدميته في انتظار انتشاله من التشرد ، أو مشفى يضمن للمريض كرامته انتظارا لعافيته..
       و لو تتبعنا المواطن  المغربي عموما في رحلته السيزيفية اليومية بين مختلف الإدارات  و المؤسسات هنا وهناك لوجدنا للسؤال  " أين الدرهم يا رجال " تمظهرات عدة ،ولوجوده وعدمه انعكاسات على مواقف كثيرة،فحيثما غاب الدرهم حلت المعاناة ...
              

8 التعليقات :

خالد من زكورة
موضوع ممتاز يا أستاذ عن إهمال المسجد

إهمال طال الجدران...فأغلق باب ،وأهملت أبواب،فراش يئن في صمت ،لامجيب ...فيؤذي الأنوف.....اعتدنا طالب الدرهم على الشوارع،فصار على أعتاب المساجد..
وصفك دقيق،واختيارك موفق وتناولك للموضوع جيد أخي محمد،لك مني أطيب تحية.
الخلفي-أكدز

تحياتي لك سي محماد وشكرا لك على تواصلك وما قمت به أقل ما يمكن فعله تجاه مكان يفترض أن يكون أجمل الاماكن وأكثرها نظافة، وأبعدها عن التشويش والمضايقة
الباب ويترك الناس للصلاة بجانب الحائط ..خطوة مضحكة مبكية

أبو سعد ( لحسن )
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه احدى تجليات القهر والتهميش والاهمال التي تزين المؤسسات المغربية بكل تلاوينها ، ولهذا أقول لك أخي محمد ان المسألة تحتاج حلولا جدرية ، بعيدا عن الاستكانة ومسايرة الفشل والعقم ، أخذنا مبادرة بناء مسجد جديد بأكدز قرب دار الطالبة ، لتعويض هذا البؤس الذي نعيشه ، فما الذي حدث ؟ راسلنا مندوب وزارة الأوقاف بزاكورة للمساهمة ، فما ساهم ..راسلنا عامل الاقليم للمساهمة ، وما ساهم ، راسلنا وزير الأوقاف للمساهمة وما ساهم ..راسلنا كل الجهات التي تسمي نفسها رسمية ، وم نسمع الا الوعود ، والأكاذيب ، ومسجد أكدز الذي يقف على بابه الطفل الذي يطلب درهما ، آيل للسقوط ، ولن ينهضوا الا اذا تهدم جدار ، أو سقف وأودى بحياة العباد ، هذه دولة فيها جماعة من اللصوص ، سرقت الكوبالت ، والفضة والسمك في البحر ، والفسفاط في بن جرير واليوسفية وبكراع ، وسرقت حتى الرمال في الصحراء ، وفسخت الأخلاق ، وشجعت الخمور والرذائل ، وفعلت كل الأفاعيل ، ومع ذلك يقول العديد من الأساتذة لقن الدروس ، وتقاضى أجرتك الشهرية ، وأمسك لسانك لا تتكلم ، ولا تتحرك ، ولا تندد، ولا تكسر السكينة والهدوء الذي يسير فيه البلاد ...
تحية خالص للأخ محمد على هذا المجهود الكبير...

شكرا أبا سعد
ما يحز في نفسي أن حالة مسجد أكدز لم أر لها مثيلا في أي مدينة أخرى ...لم ار مسجدا قط يرتاده المتشردون والحمقى في حياتي للعربدة دون أن يحرك أحد ساكنا
أغلق الباب ولم يفكروا في المساهمة في بناء المسجد الجديد ..وقبله عهزلة الميضأة و مراحيض المسجد
حسبنا الله ونعم الوكيل

لك مني ألف تحية استاذنا الفاضل على هذه الجراة و الدقة في تناول هذا الموضوع,اتمنى من اعماق قلبي ان تجد هذه الكلمات اذنا واعية و يتحرك المسؤولون لاعطاء القيمة لهذه المعلمة الدينية اليتيمة بأكدز.
أعان الله المحسنين على استكمال بناء المسجد الجديد

مع تحيات الأستاذ رشيد الكنوني

شكرا لك سي رشيد على تواصلك
هذا واجب و أقول معك آمين

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...