الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

اللغة العربية و داء " المهم هو التواصل "


"    المهم هو التواصل " عبارة تعني أن الأهم أثناء أي حوار أو نقاش بين طرفين أو أكثر في السوق ، الشارع ، المدرسة ، الانترنت ....هو التواصل ،و ليكن بأي وسيلة من وسائل التعبير المختلفة اللغة ، الإشارة ، الإيماء  ...و قد صارت اللغات الغربية في مقدمة لغات العالم  مع الثورة الرقمية و المعلوماتية التي شهدها العالم في عصرنا الحالي ، فيما لا تزال اللغة العربية على أهميتها تبحث لها عن المكانة اللائقة بها و بعدد من
يتحدثون بها  فأصبحت تلك العبارة  " حقا أريد به باطل "إذ  يستعملها كثير من مستعملي الانترنت و الهواتف النقالة العرب لتبرير عدم استعمال اللغة العربية تعبيرا و كتابة أسوة بكل الشعوب التي لا ترتضي التواصل بغير لغتها إلا للضرورة  ... 
    ولان الهواتف بمختلف أنواعها و  المواقع الاجتماعية انطلقت بلغات من اخترعوها أو أنشأوها فإن كثيرين و سعيا للاستفادة من خدماتها استعملوا لغاتهم  للتعبير  و في حالات كثيرة  الحروف اللاتينية  لكتابة اللغة العربية الفصحى أو العامية ...  لهذا سعى المهتمون بمستقبلها و الساعون للرقي بها و إعادتها لسابق تألقها إلى نشرها على نطاق واسع على الانترنت و رفع نسب استعمالها عبر تشجيع النشر بها و التواصل أيضا عبر المواقع الاجتماعية - الفايسبوك ، تويتر ،..- و خاصة بعد ما شهدته هذه الوسائل من تطور جعل استعمال الحرف العربي ممكنا و ميسرا ، و رغم ذلك لا يزال كثيرون يرفضون  ترك ما تعودوا عليه و الانتقال لاستعمال الحرف العربي بحجة أن " التواصل هو المهممتذرعين بعدد من المبررات الواهية :
 -     عدم توفر الحاسوب على اللغة العربية و هو إشكال بسيط يكفي إعادة إدخال قرص برنامج التشغيل لتثبيتها...
-     عدم التوفر على ملمس بالحروف العربية و هو أيضا إشكال بسيط يسهل التغلب عليه باقتناء شريحة حروف عربية و إلصاقها على الأزرار المناسبة.....
-    البطء في الكتابة باللغة العربية لتعوده كثيرا على الحروف اللاتينية ، و هو كذلك أمر يسهل التغلب عليه إذا توفرت الإرادة ، فكما أن  التعود عل هذه الأخيرة تطلب منه وقتا فيكفيه أن يضحي ببعض الوقت أيضا ليتعود على الكتابة بحروف لغته  كيف لا و كل الشعوب لا ترتضي التعبير أو الكتابة بغير لغتها بل منها من سن قوانين زجرية  حماية للغتها كفرنسا التي اصدرت قانونا يحرم اللجوء " إلى ألفاظ أو عبارات أجنبية في حال وجود لفظ أو عبارة مماثلة في الفرنسية تؤدي المعنى نفسه"
  و لم يعد يخفى على أحد ما يؤكده الباحثون و المفكرون اليوم من  أهمية اللغة  على جميع الأصعدة ، فهي ليست أداة تواصل و حسب  لنقول إن التواصل هو المهم بل هي حاملة لفكر وثقافة أصحابها "اللغة نظام من الرموز الصوتية، يستعمله الإنسان للتعبير عن أفكاره، وانفعالاته ورغباته. ويرى أكثر اللغويين والفلاسفة أن اللغة والفكر متلازمان تلازماً مطلقاً، فلا يتأتى التفكير مجرداً من اللغة، ولا اللغة مجردة من غير فكر " 1
و لا يمكن إذن استعمال أي لغة دون التأثر بفكر و ثقافة أهلها ...و الأدهى أن تجد كثيرا من هؤلاء  لا يستطيعون تركيب جملة مفيدة بتلك اللغة و مع ذلك يتشبثون بحروفها كرمز في نظرهم للتقدم و التحضر ... متناسين عددا من الأمور :
       - كتابة كلمة عربية بحروف لاتينية يتطلب حيزا أكبر  ف " مَسَح   " MASSAHA " تكتب مثلا " و بالتالي فكتابة جملة  سيتطلب ضعف الحيز الذي يتطلبه كتابتها بالحروف العربية ....
      - ما دام التعارف و التحاور غالبا يتم بين العرب فإن كثيرا منهم لا يتقنون  لغة " الشات "  و بالتالي يصبح التواصل متعثرا
      - نظرة الآخر لمن يفرط في لغته تكون نظرة احتقار و استهزاء ، فاللغة مكون أساس من مكونات الهوية و عدم تشبثك و تعلقك بلغتك تفريط في جانب أساسي من هويتك يستحيل دونه بناء هوية قوية,,,
         أرجو أن تجد هذه الكلمات آذانا صاغية و نطلقها دعوة للأحتفاء باللغة العربية تعبيرا و كتابة ، حتى تصير في مقدمة اللغات العالمية انتشارا و تأليفا ، لان لغة وسعت كتاب الله قادرة على أن تسع كل جديد كيفما كان ....

**********************

 1 -  مقال بعنوان : العلاقة بين اللغة والفكر د مختار بالغوت- موقع اسلام ويب

ملحوظة :    هذه التدوينة مساهمة في تخليد يوم النهوض باللغة العربية الفصحى - 10 أكتوبر - الذي دعت إليه الأخت الكريمة " كريمة سندي " صاحبة ، مدونة تيا  إذ لا يمكن لكل مهتم باللغة العربية  تواق لرؤيتها في منتهى عزتها،  متبوئة المكانة اللائقة بها بين لغات العالم وهي اللغة التي شرفها الله بجعلها لغة القرآن الكريم ،إلا أن يبارك هذه المبادرة وما شابهها و يساهم في إنجاحها....

11 التعليقات :

السلام عليكم .. والله أخي الفاضل محمد أبو عز الدين لقد وضعت يدك على الجرح الذي تنزف منه لغتنا الأم وهو استعمال الحرف اللاتيني وهي دعوة قديمة دعا لها بعض المغرضين في مطلع القرن العشرين ولقيت صداها بعد قرن من الزمان سعدت بما قرأته هنا وبالحلول البسيطة والمقترحة والتي تمثل أعذار واهية لمن ينأون عن لغتهم الأم

لقد أضفت مشاركتك في تدوينتي الحالية "الحرب القادمة" شكرا لك من القلب على تلبية الدعوة بارك الله فيك

ابدعت استاذنا ولخصت الموضوع
ولكن ازيد عليك ان لغتنا العربيه اصبح ينظر اليها فى المؤسسات الخاصة منها والعامه على انها لغه درجة ثانية وان تكلمت أو كتبت باللغات الاجنبيه فانت ممتاز اما عندما تتحدث بالعربية فانت ضعيف
تحياتى لك ولاختنا كريمة سندى على هذه الدعوة

هذه حقيقة بالفعل و داء المهم هو التواصل فى طريقه للقضاء على لغتنا الجميلة للأسف
لكنى أثق أن الله سيحفظ لغة القرآن و لو فى قلوب النسبة القليلة المخلصة من ابنائها

ماتحدثت عنه اليوم استاذى الفاضل هو السبب الرئيسى فى ضياع لغتنا العربية

يجهل هؤلاء ان تهميش لغتنا وعدم الاهتمام بها يعد اثم وذنب فتعليم اللغة العربية فرض على كل مسلم ليس بالضرورة اتقان علوم النحو والصرف لكن اقل شىء يجب ان نعرف كيف نكتب لغتنا باسلوب راقى نضعها فى مكانتها الاصيلة حتى لاتضيع منا وتضيع بعدها هويتنا


بارك الله فيك استاذى وجزاك خيرا وجعل ما كتبت فى ميزان حسناتك

تحياتى بحجم السماء

أصارحك القول يا صديقي، أنك قلت ما تمنيت قوله من زمان، ولم أترك فرصة إلا وأشرت - مع مجموعة من الزملاء المدونين- إليه، ولعل هذا بالضبط هو سبب إنشائي لمجموعة لغة الضاد...
المقال احتوى نقاطا مهمة تخص كل عربي مستخدم للشّابكة ( أقصد:الانترنت، وقد استخدمت المصطلح كنوع من الدعم) فهو يعالج ظاهرة غريبة ابتلي بها العربي، الذي يرى في الكتابة بلغته أمرا فيه انتقاص، وكل المبررات التي قد تأتيك، فهي واهية لدرجة لا يصدقها حتى الإنسان الغبي :)..
إضافة إلى أنك أشرت إلى نقطة أخرى، وهي أن الغرب أو مستعملي المواقع الاجتماعية، يعملون على تطوير مواقعهم على حسب الطلب، فلو تذكرت أن هذه المواقع لم يكن فيها مكان لحرف عرب، لكن بفضل استخدام فئة من العرب لغتهم، استجابت تلك المواقع لطلبهم.. إذن اللغة ليست أداة تواصل فحسب، ولو كانت كذلك لتعلم الغرب لغة العرب ليتواصل معهم في كل مجالات الحياة، لكن للأسف حتى في بلدان العرب يفرضون عليك لغتهم ليتواصلوا معك، مع أنه لو احترم العربي لغته لجعل الآخر هو من يتعلم العربية ليفهمه، لا العكس، ولو احترم العربي لغته، لدفع بها إلى التقدم حتى يصير لها وزن في مجال العلوم، لا أن يحتقرها ويحتقر كل ما كُتب بها، حتى وإن كان لا يفهم من اللغات الأجنبية إلا حروفها. وأستحضر مواقف كثيرة أقف مستغربا عندها، حين أجد شخصا لا يتقن الفرنسية، ويقول لي أن استخدام الفرنسية في هاتفه أسهل عنده من استخدام العربية... فماذا بعد هذا الكلام؟

فكرة ممتازة محاربة هذه المقولات الخاطئة:
المهم هو التواصل؟؟ ويتناسون أن التواصل قبل ذلك يتم بين طرفين مرسل ومستقبل لكل منهما كيان وهوية.. فإذا تخليت عن لغتي فكيف ومع من سيتحاور الطرف الذي يخاطبني وأنا عدم بلا هوية.
لذلك فإن المهم هو تحقيق والتأكد من وجودي أولا قبل أن أشرع في التواصل.

تحياتي

مَسَح تكتب masa7a
أنا شخصيا لا أكتب كثيرا باللغة العربية رغم إنني أعرف الكتابة بها جيدا ولوحة المفاتيح عندي ليس فيها العربية, والسبب هو كوني أكتب في الكثير من المواقع ولا أستطيع في كل مرة أن أبدل من الفرنسية إلي العربية,,,
وهذا ليس فقط مشكل اللغة العربية,
مثلا في اللغة الفرنسية bonsoir تكتب لbsr و salut تكتب slt

سعدت كثيرا بملاحظاتكم و إضافاتكم فشكرا لكم جميعا
و نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما فيه الخير لنا و لهذه اللغة العظيمة
تحياتي لكم

بعد التحية،
إيها الإخوة والأفاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أشكركم جميعا على غيرتكم على اللغة العربية، والشكر موصول للأستاذ الذي أثار الموضوع، لكن أيقنوا وفقتم للخير أن تشخيص الواقع غير مجد، بقدر ما نحن بحاجة إلى حلول ومقترحات من شأنها النهوض بواقع اللغة العربية الجريحة...نعلم جميعا بل نوقن أن مشكلة اللغة العربية ليست فيها هي من حيث كونها لغة، بل المشكل كامن في من يتحدث بهذه اللغة، أي نحن العرب والمسلمين...اللغة العربية أريد لها هذا الوضع. لكن، هل سبق لنا أن طرحنا السؤال الآتي على أنفسنا: ماذا قدمنا نحن لهذه اللغة، اللغة الهوية، اللغةالحضارة، اللغة التاريخ؟
قبل الإجابة أتمنى أن تتأملوا في السؤال وتولوه من العناية ما يستحق...
شكرا مرة أخرى لجميع المتدخلين...
قبل الإجابة أطلب من الإخوة التروي

@Taoufiq Ait Ali
سي توفيق اهلا بك
ما قلته صحيح نسبيا لكن حب الانسان للغته و وواجبه نحوها يفرض عليه الكتابة بها مهما كان الثمن ..فما قولك في اليابانيين والصينيين الذين يكتبون بحروف لغتهم المعقدة ؟؟؟؟؟
و حتى ما تحدثت عنه من اختصارات فهي ايضا موجودة في اللغة العربية واكثر مثلا : بسم الله الرحمن الرحيم : البسملة ...

بعد التحية،
إيها الإخوة والأفاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أشكركم جميعا على غيرتكم على اللغة العربية، والشكر موصول للأستاذ الذي أثار الموضوع، لكن أيقنوا وفقتم للخير أن تشخيص الواقع غير مجد، بقدر ما نحن بحاجة إلى حلول ومقترحات من شأنها النهوض بواقع اللغة العربية الجريحة...نعلم جميعا بل نوقن أن مشكلة اللغة العربية ليست فيها هي من حيث كونها لغة، بل المشكل كامن في من يتحدث بهذه اللغة، أي نحن العرب والمسلمين...اللغة العربية أريد لها هذا الوضع. لكن، هل سبق لنا أن طرحنا السؤال الآتي على أنفسنا: ماذا قدمنا نحن لهذه اللغة، اللغة الهوية، اللغةالحضارة، اللغة التاريخ؟
قبل الإجابة أتمنى أن تتأملوا في السؤال وتولوه من العناية ما يستحق...
شكرا مرة أخرى لجميع المتدخلين...
قبل الإجابة أطلب من الإخوة التروي

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...