الجمعة، 23 نوفمبر 2012

هل نحن أمام تحليل الحرام وتحريم الحلال ؟


           لا يختلف اثنان من المسلمين على حرمة الزنا باعتباره من كبائر الذنوب و أخطر الفواحش لما له من عواقب وخيمة  على الفرد والمجتمع  ، إنه سبيل اختلاط الأنساب و هتك الأعراض و تشتيت شمل الأسر ، لذا شدد الشارع سبحانه العقوبة على الزاني والزانية محصنا كان أو غير محصن ، إلى درجة نفي الإيمان عنهما  قال تعالى في سورة النور  :" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ،الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
، ناهيك عن كونه اليوم سبب غالبية الإصابات بالأمراض المنقولة جنسيا ، و على رأسها داء فقدان المناعة المكتسبة " الايدز أو السيدا " و ليس هذا غريبا ، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله :  " ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم"..."
         و قد شهدت السنوات الأخيرة التي دخلت فيها مدونة الأسرة المغربية  حيز التطبيق حالات كثيرة ، يظهر معها للمواطن العادي أنه أمام تحليل الحرام و تحريم الحلال ، و هو ما تم نفيه عن هذه المدونة إبان صدورها ... منها حالات ثبتت فيها الخيانة الزوجية من جهة الزوجة – منها ما ترتب عنه حمل -، تقدم على إثرها الأزواج بطلب الطلاق لكنهم لهذا السبب أو ذاك - عجز مادي - جهل قانوني ...- لم  يتمكنوا من ذلك  ... و رغم أن حيثيات أحكام القضاء قد تكون لها مسوغاتها ، إلا أن مَنْ يشهد استمرار العلاقة بين زوجين علم القاصي والداني بخبر ضبط الزوجة متلبسة أو الزوج  ن و إطلاق سراحه  بعد اعتقاله و لو بتنازل الطرف الثاني كما حدث مؤخرا في قضية الزوجين اللذين القي القبض عليهما ببوسكورة بتهمة الخيانة الزوجية و تم إطلاق سراحهما بعد تنازل الزوج لزوجته و الزوجة لزوجها حسب ما ورد في جريدة الصباح ليوم الخميس 1 نونبر  2012 ، و تداولته عدد من المواقع الالكترونية ، لا يفهم من هذا غير تحليل الخيانة الزوجية بطريقة غير مباشرة ، ومن ثم الزنا و مهما كانت الأسباب ...
     والشيء نفسه يقال بخصوص تعدد الزوجات الذي شرعه الإسلام بشروط محددة ، فأمام تقييده حتى صار شبه مستحيل ، يسلك بعض الراغبين  في التعدد مسلك الزواج السري بقراءة الفاتحة أو المعاشرة غير الشرعية ... إلى حين  حدوث حمل ، فيضع الجميع زوجة وقضاء أمام الأمر الواقع، ليتم توثيق الزواج ضمانا لحق الجنين و أمه و و ... انطلاقا من هذا و مع انتشار الزنا و غياب الحزم في التصدي لأوكاره بالأحياء الشعبية و الراقية معا  ، حتى صار متاحا لكل من لا يستحضر الرقابة الإلهية من الشباب وغيرهم بشكل يغنيهم عن الزواج،و كأننا في دولة أوروبية ، فسيظهر مرة أخرى للمواطن انه أمام صورة أخرى لتحليل الحرام وتحريم الحلال...
   إننا إذن أمام وضع يجب تغييرة بإعادة النظر في المساطر القانونية المطبقة في هاتين القضيتين و غيرها، خاصة إذا علمنا أن المرأة و الاطفال هم ضحيته الأولى ،فالمرأة غالبا تتنازل عن حقها في متابعة الزوج خوفا من فقدان المعيل...،في حين نادرا ما يتنازل الزوج ،مع أن الشرع لم يمنح أحدا منهما حق إسقاط العقوبة عن الآخر  ، والشيء نفسه في قضية التعدد...

********
سلسلة الأسرة :

الموضوع الأول : مدونة الأسرة المغربية: هل يعيد السجن للأسرة استقرارها ؟

 الموضوع الثاني : في الحاجة لشهادة الأهلية للزواج

11 التعليقات :

شكرا لك اخي على هذا الموضوع

طرح طيب أخي محمد وقضية هامة يجب طرحها ونقاشها على مستوى واسع
من خلال الجمعيات الأهلية والمساجد وورشات العمل و الجامعات والمدارس ..
كثير من الدول العربية خاصة في المغرب العربي طُبق فيها القانون الاجتماعي الغربي الذي لا يتواقف مع أحكام وتشريعات ديننا الحنيف مما جعل ذلك مبرر للشباب للوقوع في مثل هذه الخطيئة..
اللهم احفظ شباب المسلمين واهدِ أولي أمرهم

@زينة زيدان
أكيد أخت الفاضلة زينة الأمر يحتاج لمراجعة حقيقية
بورك فيك و أهلا بك و حمدا لله على توقف العدوان على غزة الصامدة على أمل التحرير الكامل ان شاء الله ...
تحياتي

ما يزال التحايل على القانون أمرا موجودا في المجتمع، فأكيد أن التعدد المشروط يقف مانعا أمام من يريد التعدد وعنده امكانيات، فيلجأ إلى التحايل كما قلت، كما أن رفع سن الزواج إلى 18 سنة يجعل بعض الاسر خاصة في البوادي يزوجون بناتهم ولم تبلغ السن القانوني، ذلك عن طريق زواج الفاتحة، وطبعا هو زواج من الناحية الشرعية صحيح مادام أركان الوزاج توفرت فيه: الايجاب والقبول والشهود والمهر والولي، طبعا زواج الفاتحة هو زواج العرف، شرطه الاشهار الذي يكمن في الشهود، ومعلوم أن الشهود في العرف أكثر من واحد، فقد يصلوا إلى 12 شاهد. لكن رغم كل هذا يبقى التوثيق هو المعضلة، فلا يمكن اثبات الحقوق بدون توثيق الزواج عند القاضي. هكذا يلجأ الناس للتحايل على القانون، ولعل مدونة الأسرة حين أراد حل المشكل عقدته ربما.
أما قضية تنازل الزوجة في حال الخيانة فهذا كما قلت تلجأ إليه اضطرارا حين ترى أن أسرتها ستهدم، لكن في المقابل لا يلجأ إليه الزوج إن كانت الخياة من طرف الزوجة، كما أن العقوبة تسقط عن الجاني إن تنازلت الزوجة عن حقها، يبقى السؤال أين هو الحق العام، أوليس الفعل يستدعي العقوبة وإن تنازل أحد الطرفين عن حقه؟
بصراحة هناك أشياء كثيرة تحتاج منا التساؤل.
لا ننسى أن في المدونة هناك إلحاق الطفل بأبيه إن ولد في فترة الخطوبة، مما يجعلنا نسأل هل الولد الذي ولد من سفاح يلحق إلى الوالد؟ مع أنه ابن زينة على اعتبار أن فترة الخطوبة ليست فترة زواج شرعي...

تحيتي أستاذ محمد

@أبو حسام الدين
شكرا لك سي رشيد على هذه المعلومات التي اغنت الموضوع و أكدت فعلا تشاركنا نفس الهموم ...
اتفق معك أن زواج الفاتحة مع الشهود ....موافق للشرع و من معضلاته اليوم إنجاب الزوجين لأبناء قبل توثيق الزواج ...و هناك من يسجل ابنا عمره عامين كأنه ازداد يومه ؟؟؟؟؟

يتعاظم الأسف والاستنكار ونحن إزاء حكومة يقودها
اسلاميون. وهم من وقف زمن تطبيق المدونة هذه موقف
المعارض.. لم يصمتون؟
مودتي أخي محمد

متفق معك سي عبد العاطي
لكن هل يمكن لهذه الحكومة و إن ترأسها إسلاميون إلغاء كل القوانين ...
بدون تحرك و دعم شعبي يمكنها القيام باي شيء
تحياتي

شكرا لك أستاذنا الفاضل على هذا الوضوع المفيد ،في الحقيقة اشكاليات كثيرة في بلادنا هذا لكن يبقى السؤال المطروح هو:من المسؤول عن هذه المشاكل,,,,؟وكيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟وهل يمكن القول بأن الحكومة هي المسؤولة عن هذه الإشكالات,,,؟اشكالات كثيرة,,,بدون حل
,,,,,كوجهة نظر فقط في الموضوع يجب على المجتمع المدني أن يكون واعيا بالمسؤولية فإن الحكومة وغيرها ليست هي السبيل الوحيد من أجل احد من هذه الظاهرة وغيرها
,,, نتمنى من الله العلي القدير العفو والعافية وأن يرد بنا إلى الطريق المستقيم
مشكوووووووووووور سي محمد أيت دمنات

@AIT KABIR Mohamed
مرحبا بك سي محمد صديقا لصدى كيسان خاصة أنك من ابناء كيسان,,,
سعدت كثيرا بتعليقك وأقول : آمين يا رب
تحياتي

محمد يقول
السلام عليكم
شكرا على طرحك لهذا الموضوع و لي ملاحظة على قولك:إلى درجة نفي الإيمان عنهما .مستدلا بالآية الكريمة من سورة النور فالزاني لا يكفر لمجرد وقوعه في الزنا ما لم يستحله و إلا حال تلبسه بالزنا كما جاء في الحديث «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم وهو مؤمن».و كذلك ليس من منهج أهل السنة القول بكفر من ارتكب كبيرة ما لم يستحلها .
جاء في موسوعة محمد ناصر الدين الألباني:
[522] باب رد قول من أنكر أن الإيمان يزيد وينقص
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:- «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم وهو مؤمن».
[قال الإمام]:الحقيقة أن الحديث وإن كان مؤولاً، فهو حجة على الحنفية الذين لا يزالون مصرين على مخالفة السلف في قولهم بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فالإيمان عندهم مرتبة واحدة، فهم لا يتصورون إيماناً ناقصاً، ولذلك يحاول الكوثري رد هذا الحديث، لأنه بعد تأويله على الوجه الصحيح يصير حجة عليهم، فإن معناه: " وهو مؤمن إيماناً كاملاً ". قال ابن بطال: " وحمل
أهل السنة الإيمان هنا على الكامل، لأن العاصي يصير أنقص حالاً في الإيمان ممن لا يعصي " ذكره الحافظ (10/ 28).ومثله ما نقله (12/ 49) عن الإمام النووي قال: " والصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، هذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء، والمراد نفي كماله، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما نيل، ولا عيش إلا عيش الآخرة ". ثم أيده الحافظ في بحث طويل ممتع، فراجعه. ومن الغرائب أن الشيخ القارئ مع كونه حنفيّاً متعصبا فسر الحديث بمثل ما تقدم عن ابن بطال والنووي، فقال في " المرقاة " (1/ 105): " وأصحابنا تأولوه بأن المراد المؤمن الكامل .. "، ثم قال: " على أن الإيمان هو التصديق، والأعمال خارجة عنه "! فهذا يناقض ذاك التأويل. فتأمل.
"الصحيحة" (6/ 2/1269، 1276 - 1277)

@غير معرف
أهلا بك أخي محمد شرفت صدى كيسان
وشكرا لك على ملاحظتك ..لكن انا لا اعتقد ان نفي الايمان عن شخص يعني تكفيره و ما قلته مستمد من قوله تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
و قلت الى درجة...
تحياتي

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...