الأحد، 9 يونيو 2013

الأستـَــاذُ " المُــوَلـِّـــدُ "؟؟؟؟


   ارتبط التوليد على مر العصور بالنساء  ، كيف لا وقد خصهن الله بالإنجاب ، ومن ثم فلا يمكن أن يساعد المرأة لحظة المخاض  بالشكل الأمثل إلا امرأة ، لهذا تعودنا على سماع " مولدة ، قابْلة ...و لم نسمع عن رجال مختصين في التوليد إلا مع تقدم الطب  وتخصص رجال في ذلك وخاصة الجراحة ....إنها مهنة نسائية بالدرجة الأولى قبل أن تكون رجالية فما بالك بأن نسندها للأستاذ صاحب رسالة التربية و التعليم، سلاحه المعرفة ووسيلته الطبشور والقلم .......

    قبل أيام و في مجلس ضم أساتذة وغيرهم عقب وفاة السيدة رقية العبدلاوي بمستشفى زاكورة ورضيعها  مؤخرا ،و بينما كنا  نتحدث عن معاناة النساء أثناء الولادة في المستوصف المحلي بسبب قلة الموارد البشرية اللازمة ، أثارتنا قصة أحد الأساتذة  و هو يتحدث عن ظروف ولادة ابنه الأخير، و كيف أنه
توجه إلى المستوصف رفقة زوجته التي فاجأها المخاض ذات ليلة ، و لم تكلف الممرضة المسؤولة حينها نفسها عناء محاولة توليد زوجته و طالبته بالاستعداد لاستكمال إجراءات نقلها إلى  مستشفى المدينة المجاورة ، فما كان منه إلا أن عاد بها إلى البيت  ليتكفل بالأمر بنفسه ، توجه إليه الجميع بنظرات الاندهاش  و الاستغراب معا ، فاسترسل  لقد تكفلت بتوليد زوجتى  مرات قبل ذلك (جل أبنائي( ... تساءلنا عن السر و مصدر تجربته أو زمان ومكان تكوينه، و كم زادت  دهشتي و هو يسترسل  "حينما كنا في مركز تكوين المعلمين في الستينيات كان مكونونا الفرنسيون يركزون على  مجموعة من المهارات  الكفيلة بتهييئنا عمليا ونفسيا للعمل في المناطق النائية التي سنعين بها ،   لقد أعطونا مبادئ في الإسعافات الأولية و ضمنها كيفية التعامل مع امرأة أثناء الوضع ، وكيف نتعامل مع لسع الحشرات و و.....
   انسحبت من ذلك المجلس منشرحا و كمن نجح في حل لغز محير ، و قد اكتشفت سر تحمل معلمي السبعينات والثمانينات لظروف العيش الصعبة في قرى نائية  بدون كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا طرق معبدة ولا ,لا .,,, و تفانيهم في عملهم من بينهم من درست على أيديهم جزاهم الله كل خير ...أمر لا نجده اليوم  للأسف الشديد عند كثيرين  رغم  تغير أحوال معظم تلك المناطق رأسا على عقب، بتوفرأهم الضروريات : الكهرباء والماء الصالح للشرب و تعبيد الطريق ، شبكة الاتصالات و الانترنت ...فلا  صوت يعلو عندهم على السخط والشكوى  من غياب بعض الكماليات لتبرير إهمالهم لواجبهم " تأخرا أو غيابا أو تهاونا "
    و هذا يدعونا للتساؤل عن طبيعة ونوعية  التكوين في مراكز تكوين الأساتذة اليوم و مدى ملاءمتها و مناسبتها للواقع الذي سيشتغل فيه المُكَوَّن ( الطالب - الاستاذ ) ،وقدرتها على مساعدته على تحمل ظروف عمله ، و قيامه بواجبه أحسن قيام ... فقي الوقت الذي يتم فيه تعيين أغلب المتخرجين في مناطق نائية و علم المكَوِّنين بذلك مسبقا ، تجدهم يركزون على نظريات و مناهج بعيدة كل البعد عن الواقع  الذي ينتظر الطلبة بعد التخرج من خلال استحضارها لصورة متعلم نموذجي قد لا نجده في مدننا فما بالك بالقرى....كما يغيب التكوين الروحي والنفسي الكفيل بتهيئ الأستاذ لتحمل كل الصعاب و التضحية في سبيل أداء رسالته أحسن قيام ،  وهذا ما يجعل كثيرا من المتخرجين يقعون في فخ اليأس و الإحباط و التذمر منذ لحظة تسلم قرار التعيين المخالف لما كانوا يحلمون  به ، و يزداد الأمر سوء بعد التحاقه بمقر عمله ( قرية نائية ، جبلية بلا مواصلات ...) حيث ظروف الحياة المخالفة لظروف العيش في المدينة و صعوبات العيش و التنقل ،  لتكتمل آخر لحظات مشهد اليأس بعد التحاق تلاميذ بعيدين كل البعد عن انتظارات الكتاب المدرسي ( تلاميذ لم يمروا من التعليم الأولي ، تأخر دراسي ..(.....
         شتان إذن ما بين أستاذ يتخرج بصورة وردية عن عمله و نعينه بمناطق نائية جبلية أو معزولة بعد تلقي تكوين بعيد عن الواقع  ، و بين أستاذ يتلقى تكوينا يستحضر المشاكل و المعيقات التي سيواجهها  في الميدان ليتخرج مسلحا بروح العزم والإصرار والتحدي و مهارات تسهل عليه تجاوز كل ما سيواجهه من عقبات حتى إنه يستطيع أداء دور " المولدة "
          إنه لموقف واقعي أشبه بالخيال باطنه رسالة قوية إلى القيمين على مراكز تكوين الأساتذة والأستاذات بالمغرب ،لإعادة النظر في برامج ومناهج التكوين إن هم أردوا  فعلا أساتذة يقبلون على العمل بجد و تفان  يضمن للناشئة تعليما في مستوى العصر على جميع الأصعدة .ا 
          

13 التعليقات :

فعلا أمر يستدعي النظر، خاصة وأن ما يتلقاه من تكوين نظري يوافق ويلائم فقط المناطق الحضارية، فهل في خريطتهم موضع لظروف المجتمع الجبلية والصعوبات؟؟

أعتقد أن مهمة توليد الحامل كما فعل هذا الأستاذ مهمة تترتب عليها بعض الامور قانونيا، إن قدر الله حدث أمر ما، لأنها مغامرة في حد ذاتها.

محبتي

كنت هنا.. أفضل ألا قول شيئا.. الهدرة بزاف والسكات احسن

@أبو حسام الدين رشيد أمديون
أهلا بك سي رشيد
متفق معك فيما ذكرت لكن لا تنسى انني اتحدث هنا عن استاذ الستينات والسبعينات ...والهدف من الموضوع هو الرسالة الموجهة الى المشرفين على تكوين الاساتذة اكثر منها اسناد مهمة التوليد للاستاذ
تحياتي...

@خالد زريولي
شكرا لك سي خالد وان اخترت الصمت في مقام ما أحوجنا فيه لكلمات منك..
تحباتي

السلام عليكم...
طبعا رسالتك واضحة تماما.
ولكني التقطت رسالة أخرى خفية في هذه التدوينة، على الرغم من أنك أشرت إليها كثيرا في تدوينات سابقة، وهي الرسالة التي يجب أن يتم توجيهها إلى العاملين والمسئولين عن الرعاية الصحية، وهو أمر واضح بجلاء في معظم ما تكتب.
أسأل الله لكم السلامة.
تقبل تحياتي...

كذلك هى الحياة استاذنا تجد منا من خطت عليه بأناملها منذ نعومة اظافرة فخرج اليها متسلحا لمجابهتها واتقن كيفية التعامل معها ومنا بل والكثير من تعلم كثيرا ولكن بعد تجارب مريرة.
حقا موضوع ممتع ونخرج منه بالكثير من الدروس والعبر
شكرا اخى محمد

في نظرك أخ محمد هذا الجيل إذا تلقى مثل ذلك التكوين الذي يضعه أمام جميع الصعوبات التي قد تواجهه خلال مزاولة عمله في المناطق النائية هل ذلك كاف؟؟ لا أظن لأنه حينها سيتدمر من التكوين نفسه بدعوى أنه لا داعي لكل ذلك .
مشكلة هذا الجيل هي قلة الصبر يريدون كل شيء بأقل مجهود و دون عناء و شتان بين الجيلين .

@Bahaa Talat
أكيد أخي بهاء
شكرا لك على المتابعة المتميزة
تحياتي

@محمد جمال
فعلا أخي محمد هي مثل الحياة
جزاك الله خيرا
تحياتي

@charko rachida
مرحبا بك صديقة جديدة لصدى كيسان أختي رشيدة
هو ليس كاف لكنه صار ضرورة و من رأى في الأمر صعوبة فلينسحب قبل فوات الأوان ويترك الفرصة للمستعد....
المشكل أن جميع المترشحين يعبرون عن استعدادهم من خلال اختيار نيابة معينة لكن بعد التخرج والترسيم يصير لهم موقف آخر
تحياتي

العفو أخي أنا لست صديقة جديدة بل قديمة الإسم فقط هو الجديد ههههه

قديما كان مهنةالأستاذ تمتهن لأنه كان يحبها و يقدرها لذلك تفانى في خدمته لها أما الآن فأكثرية الوافدين على المراكز هم فيها فقط لأنه لا بديل لهم و بالتالي بعد التخرج يتدمرون و يستاءون من وضعهم .
ملحوظة ; الآن فقط عرفت إسمك العائلي كنت أعرفك بلقبك و تفاجأت حين رأيت أيت دمنات وو تساءلت من هو هذا الشخص هل هذا للأخ مخمد أم للأيت دمنات ههههه و قلت ما أعرفه أن صدى كيسان للأخ محمد أبو عز الدين .تحياتي .

@charko rachida
استسمحك أختى و أنا جد سعيد بصداقتك و متابغتك
و شكرا

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...