الأحد، 10 نوفمبر 2013

تطبيق مدونة السير واختلال الموازين



   لم يتوقف سيل الانتقادات الموجهة لمدونة السير الملقبة بمدونة غلاب منذ دخولها حيز التنفيذ ، و رغم ما حملته من غرامات و عقوبات زجرية صارمة و سالبة للحرية  فإنها لم تفلح في إيقاف حرب الطرق التي تشهدها بلادنا و تخلف ضحايا كثرا يوميا ن و مآسي اجتماعية تقشعر لها الأبدان .,,,و لعل من أهم أسباب ذلك سوء تطبيق هذه المدونة  و غياب العدل و المساواة ، ذلك أن التطبيق الفعلي في حالات كثيرة لا يطال إلا الرافضين للطرق غير الشرعية، و هو ما تم التنبيه إليه من قبل كثيرين منذ صدورها ، حتى إن بعض الظرفاء حينئذ اعتبروها زيادة غير مباشرة في رواتب الموظفين المعنيين بمراقبة تطبيق بنودها كل حسب اختصاصه....

    و قد استفزتني كثيرا حلقة من حلقات برنامج " مداولة " المتابع على نطاق واسع ، شاهدتها صدفة مساء الخميس 7 نونبر 2013 على القناة المغربية الأولى ، خصصت لملف حوادث السير ،  و خاصة الحكم الصادر في حق المتهم ، لا أكتب هنا لاعترض على حكم قضائي و لا  أدعي أني مختص في القانون ، و حسبي المقارنة و طرح أسئلة بريئة بسيطة شان كل مشاهد عادي...
    عرضت الحلقة ملف حادثة سير قتل على إثرها شاب إثر نجاحه و أبويه لا يزالان يستعدان للاحتفال بذلك ،  في شارع وسط المدينة مساء ذات يوم بعد أن صدمه شخص يقود سيارته بسرعة مفرطة و هرب   ... و بعد المداولات  التي اتضح فيها تمسك أهالي الضحية بالدعوة (عدم التنازل) سردت الاستاذة أحفوظ معدة البرنامج الحكم ، و كان مما جاء فيه الحكم على ذلك الشخص ب ثلاثة اشهر حبسا نافذا ...مستفيدا من ظروف التخفيف ، و أكيد أن آراء من شاهدوا الحلقة ستتباين بين من يرى الحكم عادلا و من يراه مخفف ومن يراها ظالماو للقضاة طبعا اعتباراتهم و لهم السلطة التقديرية ....لــــكن المؤكد أن من سمعوا عن حادثة على أرض الواقع وتابعوا فصول محاكمة المتهم سيندهشون عند سماع هذا الحكم .....
       يتعلق الأمر بحادثة سير وقعت ليلا  مؤخرا و في طريق وطنية  خارج المدينة ، حيث السرعة  غير محدودة  ، صدم خلالها سائق عربة خفيفة  شخصا  مختلا عقليا عبر الطريق بغتة .....، و رغم تنازل أهل الضحية  و انعدام أية سوابق  لديه و إعالته لأسرة و و .... فقد حوكم ب 6 اشهر حبسا نافذا.... ليس مكمن المفارقة و الاستغراب في كون الضحية مختلا عقليا فالإنسان إنسان مهما كان  ، ولكن في طبيعة الحكم في  الحادثتين بالنظر لظروف ارتكابهما .....
     ولن أتحدث هنا عما يتداوله الناس و خاصة المهنيين – لغياب الأدلة - من قصص أشبه بالخيال حول طرق الإفلات من العقوبات ، و نيل البراءة و استرجاع رخصة السياقة  بسرعة ، في حالات مشابهة نال آخرون عقوبات قاسية ....
           لا يعترض كثير من المواطنين  على تطبيق القانون مهما ارتفعت قيمة  فاتورته  ، غير أن نهاية  كثير ممن يرتكبون نفس المخالفات التي اقترفوها تجعلهم يفقدون الأمل و يسخطون ، مما يشجعهم على سلوك الطرق غير الشرعية لتفادي تطبيقه  مستقبلا ..و هو ما يعني في تمديد عمر حـــرب الطرق ببلادنا للأسف الشديد .....

                                                                        10 - 11 - 2013

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...