لم يتوقف سيل الانتقادات الموجهة لمدونة السير الملقبة بمدونة غلاب منذ دخولها حيز التنفيذ ، و رغم ما حملته من غرامات و عقوبات زجرية صارمة و سالبة للحرية فإنها لم تفلح في إيقاف حرب الطرق التي تشهدها بلادنا و تخلف ضحايا كثرا يوميا ن و مآسي اجتماعية تقشعر لها الأبدان .,,,و لعل من أهم أسباب ذلك سوء تطبيق هذه المدونة و غياب العدل و المساواة ، ذلك أن التطبيق الفعلي في حالات كثيرة لا يطال إلا الرافضين للطرق غير الشرعية، و هو ما تم التنبيه إليه من قبل كثيرين منذ صدورها ، حتى إن بعض الظرفاء حينئذ اعتبروها زيادة غير مباشرة في رواتب الموظفين المعنيين بمراقبة تطبيق بنودها كل حسب اختصاصه....
و قد استفزتني كثيرا حلقة من حلقات برنامج " مداولة " المتابع على نطاق واسع ، شاهدتها صدفة مساء الخميس 7 نونبر 2013 على القناة المغربية الأولى ، خصصت لملف حوادث السير ، و خاصة الحكم الصادر في حق المتهم ، لا أكتب هنا لاعترض على حكم قضائي و لا أدعي أني مختص في القانون ، و حسبي المقارنة و طرح أسئلة بريئة بسيطة شان كل مشاهد عادي...
عرضت
الحلقة ملف حادثة سير قتل على إثرها شاب إثر نجاحه و أبويه لا يزالان يستعدان
للاحتفال بذلك ، في شارع وسط المدينة مساء
ذات يوم بعد أن صدمه شخص يقود سيارته بسرعة مفرطة و هرب ... و بعد
المداولات التي اتضح فيها تمسك أهالي الضحية بالدعوة (عدم التنازل) سردت
الاستاذة أحفوظ معدة البرنامج الحكم ، و كان مما جاء فيه الحكم على ذلك الشخص ب
ثلاثة اشهر حبسا نافذا ...مستفيدا من ظروف التخفيف ، و أكيد أن آراء من شاهدوا
الحلقة ستتباين بين من يرى الحكم عادلا و من يراه مخفف ومن يراها ظالماو للقضاة طبعا اعتباراتهم و لهم السلطة التقديرية ....لــــكن
المؤكد أن من سمعوا عن حادثة على أرض الواقع وتابعوا فصول محاكمة المتهم سيندهشون
عند سماع هذا الحكم
.....
يتعلق
الأمر بحادثة سير وقعت ليلا مؤخرا و في طريق وطنية خارج المدينة ، حيث
السرعة غير محدودة ، صدم خلالها سائق عربة خفيفة شخصا
مختلا عقليا عبر الطريق بغتة .....، و رغم تنازل أهل الضحية و انعدام أية
سوابق لديه و إعالته لأسرة و و .... فقد حوكم ب 6 اشهر حبسا نافذا.... ليس مكمن
المفارقة و الاستغراب في كون الضحية مختلا عقليا فالإنسان إنسان مهما كان ، ولكن
في طبيعة الحكم في الحادثتين بالنظر لظروف ارتكابهما .....
ولن
أتحدث هنا عما يتداوله الناس و خاصة المهنيين – لغياب الأدلة - من قصص أشبه
بالخيال حول طرق الإفلات من العقوبات ، و نيل البراءة و استرجاع رخصة
السياقة بسرعة ، في حالات مشابهة نال آخرون عقوبات قاسية ....
لا
يعترض كثير من المواطنين على تطبيق القانون مهما ارتفعت قيمة فاتورته ،
غير أن نهاية كثير ممن يرتكبون نفس المخالفات التي اقترفوها تجعلهم يفقدون
الأمل و يسخطون ، مما يشجعهم على سلوك الطرق غير الشرعية لتفادي تطبيقه
مستقبلا ..و
هو ما يعني في تمديد عمر حـــرب الطرق ببلادنا للأسف الشديد .....
10 - 11 - 2013
0 التعليقات :
إرسال تعليق
أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...