حدثنا
عيسى بن كيسان قال: أنقل لكم اليوم قصة رجل كما رواها لي دون زيادة أو نقصان ، و
أترك لكم التعليق عن محنته مع القانون بميزان غير
متوازن الكفتين ، أعلم أن قصته قصة كثيرين في بلدنا الحبيب، لكن ماذا أفعل فقد ألح علي أن أنقلها
لكم ، ووجدت قصته فعلا جديرة بالقراءة ....
-
توقف ...
- أجل
…
- الوثائق من فضلك....
بدا وكأن الشرطي عثر على صيد ثمين باكرا اليوم ،فقد أثار انتباهه ابنه الأصغر من سنه بدنيا و الذي كان إلى جانبه في المقعد الأمامي,,,
الوثائق
..؟؟.أي وثائق ولم تمض بعد أكثر من ثلاثة أيام على استبداله المركبة و حالت انشغالاته
دون التعجيل بإتمام إجراءات البيع م ... لا يزال في حاجة للتنقل للمدينة و قطع
حوالي 100 كلم للحصول على شهادة "الفحص التقني " و أداء رسم التسجيل
للحصول على " الورقة الرمادية "و
من تم تحويل " التأمين للمركبة الجديدة
" إجراءات يستحيل القيام بها دون تنقلها ... استغنى عن المركبة ثلاثة
أيام لغياب الفحص التقني معتقدا أن تأمين المركبة
القديمة صالح للاستعمال مع الجديدة ...بينما الشرطي ينتظر تسليمه الوثائق حمد الله
أن حصل على وثيقة الفحص التقني على التو
...سلم الشرطي الأوراق مبينا بحسن نية أنه في رحلة إتمام إجراءات البيع...قاطعه
الشرطي بحدة : أنت تقود المركبة دون شهادة التأمين سيدي.. ما كان عليك التنقل بها
قبل استكمال الوثائق ..وضح له استحالة استكمالها دون ذلك ، فكل الوثائق تتوقف على
"الفحص "التقني الذي لا يمكن إجراؤه دون إحضارها ...رفض الشرطي كل التفسيرات وجزم أن
المخالفة ثابتة وأكد أن المركبة لن تبرح مكانها دون شهادة تأمين ...بمعنى ؟؟؟؟ فكر
في كل شيء إلا مد اليد للجيب ...فكر في
الاتصال بمن يعتقد أنه قد يخلصه بعد الله
من هذه الورطة ,,, تراجع كيف يتصل متحديا الشرطي و وهو الذي يعتبر ذلك تعاليا على
القانون و استعمالا للنفوذ و طالما أيد منتقدي سلوكات مثل هذه ...فكر في العمل الذي ينتظره
،فكر في هذه المفاجأة السيئة للمركبة الجديدة و فكر وفكر ,,,فوضح وشرح و توسل بعدم
ارتكابه لأي مخالفة سابقا و أن وثائقه كانت دائما كاملة وأنه يجهل القانون في هذا الصدد
... لم يشفع له ذلك لدى الشرطي الذي استيقن من إحكام قبضته على صيده الثمين مغلفا
ذلك بقوة القانون بل سارع للإبلاغ بالمخالفة ...توسل بكل الأشكال ليس رفضا للقانون
ولكن لتيقنه بأنه لا يطبق إلا على من " لا يملك جدة في المعروف " أو لا
يثقن مد اليد للجيب ...لا يزال يوضح و يفسر و إذا بسيارة الجر " ديبناج
" تصل الحاجز الأمني لتعقبها بعد لحظات سيارة دورية الشرطة ,,,وجد نفسه بين سندان تطبيق القانون الذي يؤيده
بشدة وبين مطرقة " الحَكْرَة " فلو تعلق الأمر بشخص آخر لما كلفه الحل أكثر من خمس دقائق و مهما كانت
المخالفة ... و هذه حقيقة يعرفها كل مستعملي الطرق المغربية أما هو فيواجه بحجة
خرق القانون الدامغة ، قانون يعرف الشرطي أنه ككثير من رجال التعليم أكثر من يملأون الدنيا
ضجيجا مطالبين بتطبيقه و بحذافيره
،،،يجيبه في قرارة نفسه أعتز بالمطالبة
بذلك لكن شرط أن يكون المواطنون سواسية أمامه ....استسلم للأمر الواقع و هو يرى مركبته
التي استنفدت عرق جبينه ، ولم يرها بعد
أغلب الأهل والأصدقاء تجر بعنف في اتجاه
المحجز ... في كل محطة يتوقف عندها في
رحلة الإجراءات المعقدة للإفراج عن المركبة ، يتلقى درسا في القانون مع السؤال
الاستنكاري الذي يعرف حقيقته جيدا " ياك أستاذ أنت
تعرف القانون لست في حاجة لأشرح لك كما لو تعلق الأمر بأمي " يجيبه
أجل أعرف " و يتمتم " و أعرف أن
الأمي لن يصل هنا لأن لديه من الأسلحة ما يجعل القانون في خبر كان ...؟؟؟.سارع
لإكمال استخلاص الوثائق مقنعا نفسه بأداء ثمن قناعته مهما كان غاليا " وعسى أن
تكرهوا شيئا وهو خير لكم " ... كثيرون سيلومونه على سوء التصرف ـ و
آخرون سيلومونه على عدم الاتصال بهم لحل المشكل بمكالمة هاتفية ...و قلة سيقولون
" قضاء وقدر "...
كيف يعود إلى بلدته وبماذا يجيب من ينتظرون
رؤية المركبة ...اليومان المواليان يوما عطلة أسبوعية لن يسمحا باستكمال إجراءات
تخليص المركبة من معتقلها ,,,,
يمر اليومان ببطء شديد لم يفكر في ما
ينتظره من غرامة و رسوم قدر تفكيره في مصير المركبة نفسها في المحجز و الحرارة
مرتفعة جدا ,,,عاد صباح الاثنين إلى
المدينة على متن حافلة لنقل المسافرين
قادمة من مدينة بعيدة امتلأت مقاعدها
بالركاب بل و الممر ، مرت على حاجز أمني بسلام و يا سلام على القانون الذي جلد
بدروسه قبل يومين ... استكمل الإجراءات بسرعة و هو يلهث لمعرفة مصير المركبة
..صادف وجوده في مكتب القابض بالبلدية شخصا سلبت منه أواني بلاستيكية وأودعت المحجز
وطولب بأداء مبلغ يفوق بكثير ثمنها ؟؟؟، أدى ما عليه و غادر بسرعة تاركا الرجل حائرا ...
دهش كثيرا وهو يدخل المحجز ليرى تجليات تطبيق القانون
في المغرب بادية للعيان بالنظر لنوعية المركبات التي تسلك الطريق نفسها وطبيعة
أصحابها ...المكان المسور خال إلا
من سيارة كبيرة إلى جانب مركبته و معزتان يعلم الله شأنهما .. ركنت مركبته في مكان مكشوف عرضة للشمس و الرمال أما الأماكن القليلة المغطاة فشغلتها آليات
البلدية (شاحنات جمع الأزبال...)
غادر
وفي نفسه شيء من حتى ليتساءل : ترى أخلو محجز مدينة شاسعة كهذه أغلب أسطول
مركباتها مُعَمِّرٌ مُهْترئ ، دليل ساطع على مدى احترام الجميع للقانون إلا هو، أم أنه لقن
درسا يجعله يفكر مستقبلا مرات قبل
أن يختار خيار مسك اليد و أنه كان بصدد الحلقة الأولى من مسلسل فرض التطبيع مع الفساد؟؟؟
في
طريق العودة تمنى لو يوقفه مرة ثانية ليقول له : إذا كنت تتصرف مع الجميع كما
تصرفت معي فكثر الله أمثالك و لك مني كل تحية وتقدير و إذا كان العكس فالله كبير كبير ...
3 التعليقات :
كان الله في عونه، وفي عون أمثاله ممن لا يريدون أن يسايرون الفساد وأدواته..
مصير كان محتوما من البداية مادام أن الرجل (الشرطي) يطبق القانون فلا حرج عليه، ولكن وكما قلت إن كان يتصرف مع الجمنيع كما فعل هنا فهذا أمر يحتاج أن نحييه عليه، أما إن كان يصنف ويفرز ويأخذ إن مدت إليه يد الرشوة فهذا ما علينا إلا أن نقول له: آلا لعنة الله على الظالمين.
والسلام.
الفساد أصبح آفة تأكل المجتمعات .. ولكن النهضة قادمة لا محالة بإذن الله تحياتي الصادقة
وماعلاقة القصة بالسؤال استاذ؟؟؟؟؟؟؟؟
إرسال تعليق
أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...