السبت، 1 ديسمبر 2012

أي مقاربة لمحاربة داء السيدا أو الأيدز ؟


        مع حلول فاتح دجنبر من كل سنة و الذي يصادف اليوم العالمي لمحاربة داء فقدان المناعة المكتسبة " السيدا أو الأيدز " تتزايد تحذيرات المختصين والجمعيات المهتمة من خطورة  اكتساحه العالم ، ما لم تتخذ إجراءات فعلية للوقاية منه ما دام العلاج بعيد المنال إلى حد اليوم ...
    وفي المغرب تشير آخر الإحصائيات لتجاوز عدد المصابين   6500 شخص ، مقابل أزيد من 28000 حامل للفيروس ...و إذا علمنا أن 80 في المائة من حاملي الفيروس لا يعلمون بذلك(1)، و أن 48%   من المصابين نساء  ،و أن 5% من حاملي الفيروس من العاهرات و الشواذ ، حسب إحصاءات وزارة الصحة لهذه السنة أدركنا حجم الخطر المحدق بنا ، و لو افترضنا جدلا أن بين هؤلاء مثلا 1000 عاهرة فقط ،  فإن ذلك  يعني نقل المرض إلى 1000 شخص على الأقل يوميا ، فما بالك إذا كان عددهن  أكثر من ذلك بكثير أو  كان رد فعل المصابات هو الانتقام من شركائهن ، ألا ينذر هذا بكارثة عظمى إن لم نتحرك جميعا كل
من موقعه بالجدية و الحزم اللازمين؟؟ ...

    و إذا كانت الوقاية اليوم  السبيل الوحيد  للحد من انتشار هذا الداء أو تقليل نسبة سرعة انتشاره على الأقل،  فإن وسائلها و سبلها تختلف باختلاف مُنطلق الداعين لها ..فإذا كان كل مسلم حقيقي يرى أن لا سبيل لتفادي غالبية الإصابات بهذا الداء و غيره من الأدواء التي ظهرت حديثا ، سوى تفادي العلاقات الجنسية غير الشرعية " الزنا " مادام حوالي  90 في المائة من الإصابات ناتجة عن العلاقات الجنسية ،إضافة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي سبل انتقاله الأخرى (المخدرات ، حقن دم ملوث ، استعمال أدوات حادة لشخص مصاب ، استعمال أدوات طبية غير معقمة..) ، فإن من ينطلقون من خلفية طبية لا غير ، يرون أن لا سبيل لوقف المرض غير استعمال وسائل الحماية المعروفة رافضين اعتبار " العلاقات الجنسية غير الشرعية " أهم سبب لانتشار المرض و يتحدثون بدلا من ذلك عن "العلاقات الجنسية غير المحمية  "كما سمعنا في  برنامج تلفزي مؤخرا(2)،ففي الوقت الذي أجمعت فيه شهادات المواطنين المستجوبين في الروبورتاج المقدم في بداية الحلقة على مسؤولية العلاقات الجنسية غير الشرعية عن انتقال المرض بنسبة كبيرة ، رفض ضيفان (طبيب و ممثلة جمعية لمحاربة داء السيدا)من ضيوف البرنامج ذلك مستدلين بحالات نقل الزوج أو الزوجة المصابين الداء للآخر  رغم أن العلاقة الجنسية بينهما شرعية ، و هذا صحيح لكن السؤال كيف انتقل المرض  إلى هؤلاء؟ أليس عن طريق اتصال جنسي غير شرعي غالبا؟ ...إضافة إلى أن هذا أمر تدحضه معطيات الواقع التي تفيد بأن أغلب الغصابات تسجل بالمناطق الحضرية و أن    الفئات  المعرضة للمرض  بكثرة هي : الفئة العمرية بين 15 سنة و 34 سنة ب51% من الإصابات، و بعدها الفئات التي تعيش وضعية صعبة  : المهاجرون و السجناء و السائقون المتنقلون بين المدن - سائقو الشاحنات مثلا- ... ليكون السؤال ما الذي يغلب على السلوك الجنسي لهذه الفئات أهو العلاقات الجنسية الشرعية أو غير الشرعية ؟

     الحقيقة أننا في بلد إسلامي و لا يمكن أن نغطي الشمس بالغربال ، و يجب أن نعترف بأن ديننا يحصننا من هذا المرض و غيره من الأمراض المنقولة جنسيا ، و لو  التزمنا بتعاليمه و حرمنا الزنا و شددنا الخناق على  ممتهنيه و أوكاره  الكثيرة ،و ضاعفنا عقوبة الخيانة الزوجية و تعاطي المخدرات ، لقللنا نسبة الإصابات سنويا بهذا المرض بشكل كبير...و لا يمكن أن نراهن على وسائل الحماية وحدها ، فإضافة لكون استعمال العازل الطبي مثلا لا يضمن تجنب انتقال المرض 100 في المائة بالنظر لضعف جودته أو إمكانية سوء استعماله ... يرفض كثيرون  استعماله فطريا ... فهل نغض الطرف عن تحريم الزنا _ الحل  الأمثل - بدليل قلة عدد الإصابات في الدول الإسلامية مقارنة مع دول أخرى ، و نركز على الدعوة إلى استعمال وسائل الحماية في العلاقات الجنسية شرعية وغير شرعية ؟؟؟ و حتى إن كان لهذا الرأي بعض الوجاهة لأن الواقع لا يرتفع فإن تبعاته تجعله مرفوضا إذ سيكون تشجيعا غير مباشر  للعلاقات الجنسية غير الشرعية - الزنا - فنكون بذلك قد دخلنا في حرب مع الله سبحانه ، عواقبها وخيمة  بتحليل ما حرم   ....
        إذن لا مناص من تضافر جهود العلماء والأطباء و المربين و رجال الإعلام ... كل من موقعه  إن أردنا فعلا وضع حد لانتشار هذا الداء بحيث  يكون هدف الجميع نشر قيم العفة والوفاء و السلوكات الصحية ... فالعلاج الحقيقي لأي مرض هو الذي يستهدف علاج أسباب ظهوره  وليس أعراضه ....و السيدا واحد منها.
      


****************************
(1) بلاغ وزارة الصحة بتاريخ 12-07-2012
(2)برنامج " بدون حرج " على قناة ميدي 1حلقة يوم 26-11-2012)

14 التعليقات :

أعادني مقالك إلى بداية التسعينيات حين كان أستاذ مادة الطبيعيات في درس التوالد يقول لنا أنه سينصح ابنه حين يكبر بعدم التفريط من العازل الطبي يعني يحمله معه يحتما ارتحل، بصراحة هذه العقلية التي تشجع على تفشي جريمة الزنا وتبرئتها من عدم كونها سببا رئيس في تزايد المصابين بالمرض...
على كل حال سواء اعترفوا بذلك أم لم يعترفوا وهم قلة، فإن الكل يتفق على أنه المشكل الاساسي في انتشار السيدا، لكن ليس هناك حل لمحاربة الظاهرة بسبب أن المجتمع أصلا فاسد، ومن فساده تزايدت الممارسات غير الشرعية والخيانة الزوجية، وتزايد المصابين.
لله الامر من قبل ومن بعد

مودتي سي محمد، مقال هادف

السلام عليكم...
"ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا"
لو نظر المبغضون إلى هذه الآية ببصيرة، لأدركوا أن الله تعالى قد حرم حتى مجرد اقتراب الزنا، وليس الزنا فحسب!
ولكن المشكلة هي في شرذمة من البشر الذين قد تكون غايتهم الخير بدون الأخذ بأسباب الوصول إليه وفقا لشريعة الله، تماما كمن يسعى لوقف انتشار الإيدز ولكن دون اتباع التعاليم الشرعية لذلك، فهؤلاء كالأنعام بل هم أضل، ولا يريدون إلا أن يفسدوا ولا يصلحوا بدعاويهم تلك.
اللهم خلصنا من كل ما يبعدنا عن شرعك..
آمين~~
تحياتي للطرح الهادف المدعوم بالبيانات الإحصائية

@أبو حسام الدين
أهلا بك أخي رشيد
السؤال الموجه لذلك الأستاذ هو :هل سينصح ابنته أيضا بذلك ؟ مشكل هؤلاء أنهم يتذرعون بان الزنا واقع لكن لا يريدونه لبناتهم ..إنه الاستغلال تحت راية الحقوق و حين نضيف لذلك محارب داء خطير فتلك هي الطام الكبرى
تحياتي

@Bahaa Talat
شكرا لك أخي بهاء على مرورك الطيب
فعلا الدواء بين أيدينا و نحن نبحث عنه بعيدا
نسأل الله السلام والعافية

هناك أبرياء تحملوا المرض غصبا عنهم، ولم تفدهم كل تلك الهيلالة التي يخوضها الاعلام كلما اقترب الأول من دجنبر
هناك أمراض أخطر تستحق الاهتمام، وأخطر من السيدا، ولديها ضحايا أكبر
لكن لا حياة لمن تنادي

في كل بلدان العرب و المسلمين

يقولون كل شيء و يحكون على كل شيء

الاّ ان يعبّروا صراحة على حرمة الطرق المؤدية لهذا المرض لا



منظمات عالمية : أسرار و خفايا

@مغربية
أهلا بك أختي سناء
فعلا لا حياة لمن تنادي الأمراض الفتاكة كثيرة و يأبى البشر العودة إلى الطريق الصحيح
تحياتي

@Mongi Bakir
شكرا لك على مرورك الطيب أخي منجي
فعلا لازلنا بعيدين في الدوائر الرسمية عن التعبير الصريح ,,,,
تحياتي

بارك الله فيك أخي الدكتور محمد على هذه الإقادة المهمة جدا في عالم صاخب جدا

رأيي أنه لا مناص من استحضار الزمن المعاصر لتحليل ومعالجة
الظاهرة. والاستحضار برأيي المتواضع هو الاعتراف أننا بلد
له من التفتح مستوى.. ما يعني أن العلاقات غير الشرعية كثيرة
وتحتاج لحملة توعية واستخدام الرأي الطبي.
أما شرعيا فيجب أن تحل الأزمة من جذورها بتسهيل الزواج وبإشاعة
جو توافقي لحل المشاكل الأسرية في إشارة لموضوعك أخي محمد عن المدونة
الأسرية.
الخلاصة أنها سلسلة ضربات متتالية.. ولا أرى في هذه الحالة أن ننظر لنصف
الكأس الممتلئ: الكاس تهرس:)
مودتي

@عبدالعاطي طبطوب
متفق معك أخي عبد العاطي و أنا تحدثت عن ضرورة تضافر جهود جميع المقاربات ...المرفوض هو التركير على وجهة نظر الطبية بعيدا عن قيمنا ...
و أخشى ان يتكون الكاس فعلا قد " تهرسات ...
تحياتي

حقا قد وضعت يدك على المشكلة وقدمت الحلول
تعليق وتحليل فوق الرائع لما شاهدت
اللهم احفظ بلادنا واهد شبابنا الى تعاليم دينك - اللهم امين
حقا احييك

بوركت أرى أن الوقاية من المرض تقوض على عدة محاور كما قلت أن تمنع أسبابه وأن توعى المجتمع بخطره وأن تجفف المنابع التى يخرج منها

http://egypic.blogspot.com/

@Mostafa Al Shall
اهلا بك اخي الكريم
تشرفت برايك السديد
في انتظار ان تنضم لنادي اصدقاء صدى كيسان
تحياتي

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...