يحتفي المغاربة بذكرى المولد النبوي الشريف في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل سنة ، و تختلف أشكال و صور الاحتفال من منطقة إلى أخرى منها ما اختفى كليا أو جزئيا و منها ما لا يزال قائما ، وهكذا كلما حلت هذه الذكرىفي السنين الأخيرة أعود بذاكرتي
لسنوات الطفولة التي كانت حافلة بعادات و تقاليد كثيرة مقارنة مع وقتنا الراهن كانت أجواء الاحتفال
تنطلق بالنسبة للأطفال منذ الإعلان عن رؤية هلال شهر ربيع الأول ، فيبدأون في
إعداد اللعبة المفضلة والخاصة بهذه المناسبة " حَرْوَادِي " (صورة 2) و هي لعبة من صنع محلي مكونة من قصبة
تتفرع عنها مروحات منصبة صغرى و وريقات على شكل مربعات و يستعمل التمركمادة للصقها بالقصبة ، كما يختلف طولها من
طفل لآخر بحسب سنه و براعته (من نصف متر إلى متر) تديرها الرياح عند الجري أو رفعها للأعلى و يتباهى الأطفال بها فيما بينهم ويتسابقون تعبيرا عن فرحتهم بهذه المناسبة ، و في المساء تتوجه أنظارهم صوب المسجد حيث حلقات " الدْعَا " التي يترأسها الإمام و المتعلمون من أبناء القرية بعد صلاة المغرب ، وتنظم يوميا إلى غاية صبيحة يوم الثاني عشر ، و تردد خلالها أذكار و أشعار في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم و خاصة قصيدة " الكواكب الدرية في مدح خير البرية" المشهورة ب"البردة " للبصيري و التي مطلعها
طفل لآخر بحسب سنه و براعته (من نصف متر إلى متر) تديرها الرياح عند الجري أو رفعها للأعلى و يتباهى الأطفال بها فيما بينهم ويتسابقون تعبيرا عن فرحتهم بهذه المناسبة ، و في المساء تتوجه أنظارهم صوب المسجد حيث حلقات " الدْعَا " التي يترأسها الإمام و المتعلمون من أبناء القرية بعد صلاة المغرب ، وتنظم يوميا إلى غاية صبيحة يوم الثاني عشر ، و تردد خلالها أذكار و أشعار في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم و خاصة قصيدة " الكواكب الدرية في مدح خير البرية" المشهورة ب"البردة " للبصيري و التي مطلعها
أمن تذكر جيران بذي سلمي """ مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
... و بينما يتولى الامام ومن معه من المتعلمين قراءة ابيات "البردة " مقطعا مقطعا ، يقتصر دور الأطفال و باقي الحاضرين من كبار السن على ترديد اللازمة او المقطع الآتي:
... و بينما يتولى الامام ومن معه من المتعلمين قراءة ابيات "البردة " مقطعا مقطعا ، يقتصر دور الأطفال و باقي الحاضرين من كبار السن على ترديد اللازمة او المقطع الآتي:
" مولاي صل وسلم دائما أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
وآله وعلى أصحابه الشهدا أولي الهدى والتقى والمجد والكرم "
و لعل ما يجذب
إليها الأطفال أكثر أن الأسر تحضر إلى المسجد بالتناوب وبتنسيق مع الإمام
" شَمْرِي " (صورة 1) و هو عبارة عن أكلة من الفول يطهى بقشوره مدعما
بقطع لحم مدخرة من أضحية عيد الأضحى ...أو الخبز المحشو بالشحم و الفلفل الحار...
و لا تزال هذه العادات مستمرة إلى اليوم ..
و
صباح يوم الذكرى جرت العادة أن تعد الأسر التي رزقت طفلا ذكرا "
أقْرَابْ " و هو عبارة عن نوع خاص من الكسكس يعد بعناية فائقة ، تتخلله قطع البيض
المسلوق وحبات الفول و قطع اللحم .... و يحمل الجزء الأكبر منه إلى المسجد
في الصباح الباكر و يوزع الباقي على الجيران والأقارب ....و لا تزال بعض الأسر
وفية لهذا التقليد....
و بعد حلقة الذكر في
الصباح الباكر يعود الأطفال لمنازلهم لتناول وجبة الإفطار ليغادروا بعدها القرية
فرادى وجماعات في اتجاه ضريح أحد الأولياء في قرية أخرى على بعد حوالي 8 كليومترات ، على متن الدواب أو الدراجات ...أما الرجال فيتجمعون أمام المسجد استعدادا لانطلاق
" تَمَحْضَرْتْ " و هي عبارة عن جولة جماعية يتزعمها الإمام
و المتعلمون، تقودهم إلى أماكن محددة تضم قبورا يعتقد أنها لأولياء صالحين ذكورا و إناثا ، تنتهي عند المسجد المحاذي
لضريح وولي بالدوار المجاور ، يرددون خلالها أذكارا يدعون
خلالها الله سبحانه ، ويتوسلون إليه بسور القرآن الكريم و بعض معجزاته من خلال نظم محلي :
..... .بحق من من حج و طاف و نجينا مما نخاف بحق سورة الاعراف و حرمة محمد
و يا مصور الكعبة ارحم من مات و الاحياء بحق قــدر الأنبياء و حرمة محمد
و تم تجاوز هذه العادة منذ سنوات و حل محلها حفل ديني يقام في مسجد القرية يحضره الرجال والأطفال و بعض النساء بعد تناول الفطور ، و تردد خلاله مجموعة من الأذكار و الامداح النبوية ، كما تتلى آيات بينات من القرآن الكريم جماعة ، و تستعرض خلاله محطات من سيرة سيد الخلق و ما يستخلص منها من حكم وعبر ....ويختم بإحضار أرباب الأسر للطعام الذي أعد لهذه المناسبة (الكسكس او الخبز+ المرق) و يتناول جماعة و يختم بالدعاء الصالح ....
"""""""""""""""""""""""
قد نختلف كثيرا حول ضرورة استمرار أو اختفاء هذه العادات بالنظر للاختلاف أصلا حول مشروعية الاحتفال بهذه الذكرى ، إلا أنه في ظل جهل الكثيرين بسيرة رسولنا الكريم شيبا و شبابا ذكورا و إناثا ، و ابتعادهم عن نهجه القويم تحت تأثير الانبهار بالثقافة الغربية و تدجين وسائل الإعلام ، ما أحوجنا للتفكير في سبل و وسائل محاربة هذا الجهل و توطيد صلتنا بقدوتنا و أسوتنا صلى الله عليه وسلم ، و حبذا لو تستغل هذه المناسبة لهذا الغرض بعيدا عن كل الانحرافات والبدع التي تشهدها كثير من مدننا وقرانا ....
..... .بحق من من حج و طاف و نجينا مما نخاف بحق سورة الاعراف و حرمة محمد
و يا مصور الكعبة ارحم من مات و الاحياء بحق قــدر الأنبياء و حرمة محمد
و تم تجاوز هذه العادة منذ سنوات و حل محلها حفل ديني يقام في مسجد القرية يحضره الرجال والأطفال و بعض النساء بعد تناول الفطور ، و تردد خلاله مجموعة من الأذكار و الامداح النبوية ، كما تتلى آيات بينات من القرآن الكريم جماعة ، و تستعرض خلاله محطات من سيرة سيد الخلق و ما يستخلص منها من حكم وعبر ....ويختم بإحضار أرباب الأسر للطعام الذي أعد لهذه المناسبة (الكسكس او الخبز+ المرق) و يتناول جماعة و يختم بالدعاء الصالح ....
"""""""""""""""""""""""
قد نختلف كثيرا حول ضرورة استمرار أو اختفاء هذه العادات بالنظر للاختلاف أصلا حول مشروعية الاحتفال بهذه الذكرى ، إلا أنه في ظل جهل الكثيرين بسيرة رسولنا الكريم شيبا و شبابا ذكورا و إناثا ، و ابتعادهم عن نهجه القويم تحت تأثير الانبهار بالثقافة الغربية و تدجين وسائل الإعلام ، ما أحوجنا للتفكير في سبل و وسائل محاربة هذا الجهل و توطيد صلتنا بقدوتنا و أسوتنا صلى الله عليه وسلم ، و حبذا لو تستغل هذه المناسبة لهذا الغرض بعيدا عن كل الانحرافات والبدع التي تشهدها كثير من مدننا وقرانا ....
7 التعليقات :
شكرا للاستاذ محمد ايت دمنات على هذا المجهود الحبار و على اختيارك لهذا الموضوع القيم الذي يعيدنا الى ايام الزمان الجميل و ما احوجنا الى اناس يهتمون بهذا التراث الذي يعبر عن هوينتا و تاريخنا و الذي هو امانة يجب ان نوصلها الى الاجيال اللاحقة و الا سيحاسبنا التاريخ فالتاريخ لا يرحم ...
أعجبني سردك لهذه التقاليد ..
غير أني لست مع استمرارها فإن اردنا ان نربط الجيل الجديد بالرسول فما علينا إلا ان نكون نحن قدوة بأفعالنا .. وان لا نمل من حكي السيرة عليهم في كل مناسبة وفي غير مناسبة .. بطريقة تحببهم في الانصات لها ..
اما من هو مثلي يعمل في مجال السنما فعليه ان يكون ضمن مشاريعه افلام تتناول السيرة بمختلف الطرق الابداعية الممكنة والتي في الاخير تجعل المشاهد يشتاق إلى قراءة السيرة ومعرفة تفاصيلها .
التقاليد صنعها الأجداد كنوع من ايجاد مساحة للترفيه ومشاركة أعمال تختلف عن الأعمال الروتينية اليومية من الفلاحة والزراعة وغيرها، ومعلوم أن القدماء لم تكن عندهم ملاهي كثيرة كالتي أبتلينا بها اليوم، خاصة في المناطق البدوية والقروية، فكانت مثل هذه المناسبات فسحة للبسط والتعارف والـتآلف والتذكير بأشياء دينية أو اجتماعية...
المهم راق لي وكما تعرفت على تقاليد جديدة لها ارتباط بالمولد النبوي، كعادة وليس كعبادة، وهنا الفرق.
لك التحية سي محمد
@م, احفيظ الزاهي
أهلا بك أستاذ م حفيظ شرفت صدى كيسان
هذا واجبنا جميعا
تحياتي
@خالد التاقي
أهلا بك سي خالد شرفت دى كيسان
متفق معك في ما ذهبت اليه ولعلك لا حظت أني ميزت بين عادات منحرفة و قد تم تجاوزها
وأخرى لا تمس العقيدة و هي التي لا يزال بعضها متداولا ...
أما المهمة الأعظم فعلا فهي على عاتق السينمائيين الملتزمين بقضايا أمتهم وانت واحد منهم ... فدور السينما في عصرنا الحالي لا ينكره أحد
تحياتي
@رشيد أمديون. أبو حسام الدين
متفق معك على طول سي رشيد
شكرا لك على قراءتك المتميزة دوما
تحياتي
بلدتي عزة نفسي
إرسال تعليق
أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...