الاثنين، 9 أبريل 2012

جمعية الصويرة دارنا : أيادي بيضاء في مواجهة المأساة

      تمــــيزمقام المدونين المغاربة بالصويرة بمناسبة ملتقاهم الثاني بعدة انشطة متميزة، و كان ابرزها تلك المبادرة التي ارتأوا من خلالها التوقيع على  بصمة  تخلد هذه المناسبة الهامة في تاريخ التدوين المغربي ، تمثلت في خلق نواة لمكتبة ب " جمعية الصويرة دارنا لإيواء الاطفال " في وضعية صعبة والتي تحتضن حوالي 130 طفلا من مختلف مدن المغرب، عبر مساهمات عينية يتبرع بها المدونون كل حسب استطاعته : ّ قصص ، كتب  ...
كم كان جميلا أن يُشارَك أطفال صغار يتامى ومتخلى عنهم مائدة الطعام ،عسى أن يشعروا ولو لمدة قصيرة بدفء وعطف الأسرة التي حرموا منها قسرا ، تقاطرت القبلات وعبارات المواساة على مهدي ، فاطمة الزهراء ،مريم ... وغيرهم من الأطفال الذين لم تسعفهم براءتهم لإخفاء دهشتهم وبهجتهم في الوقت نفسه من هذا الموقف ، لقد أحسوا ولا شك بلذة  الأكل بين أحضان واهتمام الآباء، بمناسبة وجبة العشاء هذه التي أقيمت بمساهمة  إحدى دور النشر بالصويرة ...
        كان الفضاء جميلا بل رائعا حقا  و في مستوى ما يستحقه هؤلاء الأطفال من عناية ، وبدا جليا أنه بريء من أي شكل من أشكال الترقيع والتنميق لاستقبال المدونين ، إذ لم تكن  نظافته  ونضارته  مصطنعتين كماهي عادة كثير من المؤسسات قبيل استقبال ضيوف ، ولم يتطلب ذلك تأكيد رئيسة الجمعية خلال كلمتها الترحيبية والتعريفية بالدار، ولا تنويهات القيمات عليها .أمر يستدعي التنويه و التشجيع حقا ...
    سار كل شيء على ما يرام لتحقق الزيارة أهدافها ، و نالت بادرة المدونين استحسان القيمين على الدار ملتمسين منهم أن يكونوا سفراء للدار... غير أن جولة قصيرة بمرافق الدار بعد ذلك كانت كفيلة بكشف الوجه الحقيقي للمأساة التي أفلحت الأيادي البيضاء لهذه الجمعية في مواراتها ولو إلى حين ...لم يعلم المدونون أن تمة أطفالا آخرين لم تسعفهم سنوات عمرهم القليلة لمشاركتهم مائدة الطعام ،و كم كانت دهشة وحسرة وتأثر كثيرين عند دخول غرفة تأوي أطفالا لم يكملوا ربيعهم الثاني بعد ، انهمرت الدموع دون استئذان و تناسلت الزفرات ...،أطفال يفترض ألا نجدهم في غير حضن أم ورعاية أب يجمعهم سقف واحد، لم يعرف عدد هؤلاء ولا أولئك الذين تقل أعمارهم عن الخمس سنوات الذين ضمتهم أَسِرَّة ملأت قاعتين كبيرتين ، ممن لم يشاركوا المدونين الأكل أيضا، بين نائم ولاه وباك ...تحت أنظار أعين ساهرة  ،  ولعل ما يحز في النفس كثرة عددهم ،و إذا كان هذا ما لُفِظ في شوارع مدينة في حجم الصويرة وإن كان كثيرمنهم من خارجها ، فماذا سننتظر من مدينة كالدار البيضاء أو مراكش ....؟؟؟ وهل يعقل هذا في بلاد تدعي الإنسانية والإسلام دينا رسميا،؟ 
              زالت سحابة الانطباع الجميل الذي خلفته روعة فضاء  الدار في النفوس  أمام حجم متطلبات هؤلاء الصبية الأبرياء ..لتطرح أسئلة كثيرة : إلى متى ستصمد هذه المؤسسة ومثيلاتها ؟ وإلى متى ستظل خدماتها على هذا المستوى من الجودة ، وهل ستستطيع استيعاب المزيد ؟ أسئلة تظهر مدى  محدودية دور مثل هذه الدور على أهميته في وضع حد للظاهرة، وهو ما يستدعي تكاثف الجهود  لردم منابع هذا السيل  بدل الاكتفاء ببناء سدود مهددة بالانفجار في أية لحظة ، من خلال تحديد أسبابها والتي من أهمها :
  - كثرة متطلبات الحياة و غلاء المعيشة مقارنة مع ضآلة الأجور و قلة فرص الشغل.
  - غياب مؤسسات تعنى بمحاربة التفكك الأسري.
  - محاربة حقيقية لبيع المخدرات  بمختلف أشكالها وتعاطيها.
 -طبيعة المادة الاعلامية التي تقدمها القنوات المغربية فلا أرى كثرة الأطفال  غير الشرعيين  والمتخلى عنهم إلا  نتيجة طبيعية للمسلسلات  الماراطونية الهجينة و الرديئة :مكسيكية و تركية ...التي تغرق بها برامجها اليومية و تستهوي شرائح هشة من المجتمع المغربي ، وتقدم لها ثقافة بعيدة عن تقاليده و دينه  ومستواه المعيشي   في مواضيع حساسة تتطلب مقاربة خاصة ( الحب ، الصداقة ، الأسرة....)
            وفي انتظار ذلك تحية لكل القيمين على جمعية ّ دارنا ّ مسيرين ومحسنين و محتضنين على عملهم الإنساني هذا.
 

6 التعليقات :

فعلا أستاذ لقد خرجت شخصيا من الدار و الفرحة تغمرني لأني لم أكن من الذين زاروا بقية المرافق لكن ما إن رأيت مقطع الفيديو المصور على مجموعة المدونين على الفايسبوك حتى انهمرت الدموع على خدي و جالت في ذهني بعض من هذه الأسئلة تفضلت بطرحها ففعلا إذا كان هذا ما لفظ في شوارع الصويرة فماذا سننتظر من مدينة كالدار البيضاء أو مراكش ....؟؟؟

نسأل الله اللطف و العافية

شكر لك أختي حنان على مرورك الطيب ...فعلا لقد تأثرت كثيرا برفقة أخي رشيد الذي لم يتحمل البقاء في القاعة
لا حول ولا قوة الا بالله

عندما كنا أسفل نتناول الطعام همس في أذني أحد الزملاء المدونين قائلا أن عدد النازلين بالدار من الأطفال قليل، وذلك بعد نظرة للعدد الذي كان موجودا معنا حينها، لكني تفاجأت حين صعدنا إلى الدور الأعلى حين كنا نمشي بخطى ثقيلة مخافة أن نوقظ الرضع، كانت مفاجئتي أكبر أن الدار بها الكثير والكثير بمختلف الأعمار، بنات وأطفال. الحقيقة كان شعورا أحسست معه بالأسف والتوبيخ لهذا الضمير البشري الذي استطاع أن يتخلى عن فلذة كبده.
على كل حال كانت الزيارة تجربة لنا جميعا، لنعلم ما خفي عنا من ظروف أطفال يعيشون في أحضان غير أحضان الاباء والأمهات.

قد أوجزت القول في مقالك أستاذ محمد، وقلت هنا ما كان يدور في ذهني منذ زرت الدار إلى يومنا هذا.

تحيتي.

شكرا لك أخي رشيد لقد كانت اللحظات التي قضيناها هناك معا عصيبة
ولا حول ولا قوة الا بالله

السلام عليكم ورحمة الله
اخي محمد ابو عز الدين
لم يكن اختيار زيارة مركز دارنا عبثا فالمدونون هم شباب يحمل مسؤولية جمة على عاتقهم في ايصال المعلومات وفي نشر الوعي بأمور تخص مجتمعنا حتى نكون فعلا في مستوى الشعار الذي تبناه الملتقى الثاني للمدونين ولن أدعي أن فكرة زيارة المركز فكرتي من البداية الا أنني أعرف هؤلاء الصغار كما أعرف أبنائي ولعل بعضكم لمح تواجد طفلي بينهم ذاك لتوطد العلاقة بين أسرتي والمكان ، أعرف الأطفال وأعرف أمهاتهم واحيانا تسعفني الظروف لمقابلهتن خاصة وأنهن يأتين من مدن بعيدة من أجل زيارة الصغار وقضاء سويعات معهم سوعات لا أجد لنفسي فيها حق الا لدردشة بسيطة اطمئن فيها على أحوالهن .ولربما لاسترق خبرا عن تطور الحالة المادية لهن او اي تطور في علاقتهم مع الاب . لذا فليكن في علمك اخي محمد ان الاطفال هناك هم من مدن مغربية مختلفة ولعل عدد الاطفال من امهات صويريات لا يتجاوز عدد الاصابع لليد الواحدة هذا للتصحيح فقط أخي

شكرا لك أختي ليلى على اختيارك هذا و لتعلمي أختي المحترمة أن تدوينتي هذه تلبية لنداء رئيسة الجمعية بأن نكون سفراء للجمعية عرفانا بالجميل لمدينة الصويرة و لم يكن قصدي غير ذلك، وشكرا لك على ملاحظتك و إن كانت هذ العبارة أخذت مني وقتا طويلا و أظن أن بناء الفعل " لفظ " للمجهول يبريء أمهات الصويرة اللواتي أكن لهن كل الاحترام والتقدير و أرجو أن يزيل التعديل اللبس ويجعلك تركزين على ايجابيات الموضوع
وشكرا

إرسال تعليق

أخي القارىء أختي القارئة تعليقك على الموضوع دعما أو نقدا يشرفنا فلا تتردد في التعليق عليه ...